roubini149_Fabian Sommerpicture alliance via Getty Images_trump nuclear Fabian Sommer/picture alliance via Getty Images

أميركا: المركز الجديد لعدم الاستقرار العالمي

نيويورك ــ سواء اعتبرنا اقتحام مبنى الكونجرس الأميركي محاولة انقلاب، أو تمرد، أو هجوم على الديمقراطية، فهي مجرد مسألة دلالات لفظية. الجانب المهم في الأمر حقا هو أن العنف كان موجها لعرقلة انتقال السلطة الشرعي لصالح رجل مجنون بالغ الخطورة وبأمر مباشر منه. الواقع أن الرئيس دونالد ترمب، الذي لم يكلف نفسه قَـط عناء إخفاء تطلعاته الدكتاتورية، يجب أن يُـعـزَل الآن من السلطة، ويُـمـنَـع من تولي أي منصب عام، ويُـحَـاكَم لارتكابه جرائم خطيرة تتعلق بسوء الإدارة واستغلال السلطة.

كانت أحداث السادس من يناير/كانون الثاني صادمة، لكنها لم تكن مفاجئة. لقد واظبت أنا والعديد من المعلقين الآخرين لفترة طويلة على التحذير من أن انتخابات 2020 ستجلب اضطرابات مدنية، وأعمال عنف، ومحاولات من قِـبَـل ترمب للبقاء في السلطة بشكل غير قانوني. ولكن بالإضافة إلى جرائمه المرتبطة بالانتخابات، فإن ترمب مذنب أيضا بالتجاهل المستهتر للصحة العامة. الواقع أنه يتحمل هو وإدارته قدرا كبيرا من المسؤولية عن حصيلة الوفيات الهائلة بمرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19) في الولايات المتحدة، التي تمثل 4% فقط من سكان العالم ولكن 20% من كل الوفيات بمرض فيروس كورونا.

إن الولايات المتحدة، التي كانت ذات يوم منارة للديمقراطية وسيادة القانون والحكم الرشيد، تبدو الآن أشبه بإحدى جمهوريات الموز غير القادرة على السيطرة على مرض مُـعد ــ برغم أنها تنفق على الرعاية الصحية أكثر مما تنفقه أي دولة أخرى وفقا لنصيب الفرد ــ أو على رعاع حرضهم أحمق راغب في حمل لقب دكتاتور. الآن، يضحك الزعماء المستبدون في مختلف أنحاء العالم على الولايات المتحدة ويسخرون من الانتقادات الأميركية لسوء الحكم السياسي الذي يمارسه آخرون. وكأن الضرر الذي لحق بقوة الولايات المتحدة الناعمة على مدار السنوات الأربع الأخيرة لم يكن هائلا بالقدر الكافي، فإذا بتمرد ترمب الفاشل يقوض مكانة أميركا بدرجة أكبر.

https://prosyn.org/9nmV7n0ar