fischer202_JULIEN DE ROSAAFP via Getty Images_ukraine JULIEN DE ROSA/AFP via Getty Images

الـمـراجـعـة الـكُـبـرى

برلين ــ تُـرى هل كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يدرك ماذا يفعل حقا عندما أصدر الأمر بشن غزو شامل لأوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير/شباط الماضي؟ كان ذلك القرار نقطة تحول في أوروبا. فلأول مرة في ثمانية عقود من الزمن تندلع حرب برية كبرى على أرض القارة، لتتحطم أوهام السلام التي تَـعَـلَّـقَ بها الأوروبيون بقوة توازي قوة القنابل الروسية التي كانت تدك البلدات والقرى الأوكرانية منذ ذلك الحين.

من الواضح أن بوتن لا يستطيع أن يتصور روسيا على أنها أي شيء آخر غير قوة عالمية استبدادية مخيفة ومدججة بالسلاح. لكن اكتساب هذه المنزلة يتطلب فرض الهيمنة الروسية على أوروبا الشرقية ــ وفي هذا إحياء للإرث الإمبراطوري الذي خلفته روسيا القيصرية والاتحاد السوفييتي ــ ولهذا كان بوتن في احتياج إلى أوكرانيا. لكنه استخف بشدة باستعداد الأوكرانيين للقتال والموت من أجل حريتهم واستقلالهم. هذا، إلى جانب الدعم المقدم من جانب منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، هو الذي منع بوتن من تحقيق هدفه.

بعد ثلاثة أيام من بدء الغزو، وَصَـفَ المستشار الألماني أولاف شولتز هذه اللحظة بصدق في خطاب ألقاه أمام البرلمان الألماني. صرح قائلا: "نحن نعيش عصرا فاصلا. وهذا يعني أن العالم بعد ذلك لن يكون كما كان من قبل". الواقع أن الحرب في أوكرانيا تدور رُحاها حول ما يزيد كثيرا عن تصورات أغلب الناس ــ بما في ذلك شولتز ــ قبل ثلاثة عشر شهرا.

https://prosyn.org/N1RGVDrar