maconcooney2_Andriy OnufriyenkoGetty Images_braintechnologyartificialintelligence Andriy Onufriyenko/Getty Images

الدور الهام للعلوم والتكنولوجيا في المملكة المتحدة

لندن ـ يُشجع تحدي صعود الصين على دفع الديمقراطيات الليبرالية إلى مزيد من الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا. تتمتع الاقتصادات الغربية بقدرة هائلة على الابتكار عندما تكون لديها الإرادة للقيام بذلك، كما أظهر التطور السريع للقاحات المُضادة لفيروس كوفيد 19 الآمنة والفعالة. ولكن السؤال المطروح هو كيف يمكن الحفاظ على هذا الزخم عبر مجموعة واسعة من المجالات مع العلم أننا لا نواجه أزمة حادة؟

كما في كثير من المجالات، تلعب الولايات المتحدة دورًا قياديًا في هذا المجال. بعد فترة وجيزة من توليه منصبه، قام الرئيس جو بايدن برفع منصب مدير مكتب البيت الأبيض لسياسة العلوم والتكنولوجيا إلى مرتبة مجلس الوزراء، وعيّن عالِم الوراثة والأحياء الجزيئية والرياضيات الشهير إريك لاندر في هذا المنصب. ويطابق قانون الابتكار والمنافسة الأمريكي الجديد، الذي أقره مجلس الشيوخ في يونيو / حزيران، إشارة العزم هذه مع العمل، ووعد بتقديم 250 مليار دولار لتعزيز التكنولوجيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات والحوسبة الكمية.

من الواضح أن أمريكا جادة في تجنب المستقبل حيث يتعين على الغرب أن يعتمد على الأنظمة الاستبدادية في مجال التكنولوجيا بنفس الطريقة التي اعتمدنا بها على هذه الأنظمة في السابق في استخدام النفط. ومع ذلك، ليس من الواضح ما هو الدور الذي ستلعبه المملكة المتحدة، الشريك الأصغر حجمًا في ميثاق الأطلسي الجديد الذي وقعه بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في يونيو / حزيران، في تأمين القيادة التكنولوجية للغرب.

تُشكل خطة حكومة المملكة المتحدة لدعم البحوث العلمية عالية المخاطر والعائدات من خلال إنشاء وكالة الأبحاث والاختراع المتقدمة - على غرار وكالة مشاريع البحوث المتقدمة الدفاعية الأمريكية (DARPA) - خطوة إيجابية، شأنها في ذلك شأن إستراتيجية المملكة المتحدة الجديدة في مجال علوم الحياة. كما أشارت الحكومة إلى أن خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي من المرجح أن يدفعها إلى تبني موقف أكثر تطلعًا في مجال تعديل الجينات والحد من العقبات البيروقراطية التي تُعيق الباحثين.

ومع ذلك، لم تبذل المملكة المتحدة جهودًا كافية إلى حد ما لتكييف إستراتيجيتها العلمية والتكنولوجية في مرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فهي لا تستطيع مضاهاة الولايات المتحدة والصين سواء من حيث القيمة والثقل الماليين أو عدد السكان. كما لا ينبغي أن يفترض صناع السياسات أن القوى الأخرى لا تزال قائمة. تعرف سوق التكنولوجيا الضخمة في الهند نموًا سريعًا، في حين يعمل الاتحاد الأوروبي على زيادة الاستثمار التكنولوجي وإصلاح معاملته الضريبية التقليدية فيما يتعلق بخيارات الأسهم، وبالتالي إزالة العقبة التي أعاقت رجال الأعمال في مجال التكنولوجيا لفترة طويلة.

تعهد وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك بزيادة الإنفاق الحكومي على البحث والتطوير ليصل إلى 22 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار) بحلول عام 2025، مما يدل على أن ما يُعد "كبيرًا" بالنسبة للمملكة المتحدة سيكون دائمًا متواضعًا مقارنة بالولايات المتحدة والصين. لذلك، تحتاج المملكة المتحدة إلى جعل هذه الأموال تذهب إلى أبعد من ذلك بكثير. فهي بحاجة إلى استخدام السياسات والمؤسسات كمضاعفات، وهو ما يعني عمليًا تطوير قابلية أكبر للمخاطر، وتجربة آليات جديدة لتخصيص أموال للبحوث.

Subscribe to PS Digital
PS_Digital_1333x1000_Intro-Offer1

Subscribe to PS Digital

Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.

Subscribe Now

تتمتع البلاد بالفعل ببنية تحتية بحثية ذات مستوى عالمي، ولكن غالبًا ما يتم تحويل وقت التمويل والباحثين إلى مهام بيروقراطية. وقد يكون أحد البدائل الواعدة هو مشروع "المنح السريعة" الذي أطلقه باتريك كوليسون، المؤسس المشارك لشركة المدفوعات الرقمية "سترايب"، والخبير الاقتصادي في جامعة جورج ميسون تايلر كوين، لتوفير تمويل سريع للعلماء الذين يعملون في مشاريع بحثية يمكن أن تساعد في مكافحة جائحة فيروس كوفيد 19. ومن خلال وضع استمارة طلب استغرقت أقل من 30 دقيقة لاستكمالها، واتخاذ قرارات بشأن التمويل في غضون 48 ساعة، قدم المخطط العام الماضي 50 مليون دولار لإنشاء 260 مشروع. وتتمثل فكرة أخرى قمنا باقتراحها في مجموعة مقالات حديثة ويمكن أن تسفر عن أفكار ومعارف جديدة في "الزمالة البحثية التي تهدف إلى فتح أفق التعاون البحثي والعلمي" والتي من شأنها أن تمنح منحًا طويلة الأجل لعدد صغير من الباحثين الواعدين كل عام.

يتعين على المملكة المتحدة أيضًا الاستعانة بالتقنيات الرائدة التي ستعيد تشكيل المجتمع في السنوات المقبلة. على وجه الخصوص، يجب أن يُولد خبراء الدولة في علوم الحياة وتكنولوجيا المناخ مخزونًا غنيًا من البحوث الأساسية المُتعلقة بمستقبل الأغذية والتكنولوجيا الحيوية، مما يؤدي إلى ابتكارات تعمل على تحسين صحة الإنسان والكوكب.

ومع ذلك، في ظل تطوير المملكة المتحدة لميزتها النسبية في هذا المجال، ستحتاج إلى استغلال قدرتها الجديدة على الابتعاد عن الاتحاد الأوروبي من خلال التحول إلى دولة من الدول التي تبنت ونشرت التقنيات الجديدة على نحو مُثمر في وقت مُبكر. إن من شأن إزالة الحواجز التي تخنق الأسواق في مجالات تتراوح بين خدمة تسليم الطلبات باستخدام الطائرات بدون طيار واللحوم المزروعة في المختبرات إلى السيارات ذاتية القيادة أن تجذب المبتكرين من مختلف أنحاء العالم.

لكي تتمكن المملكة المتحدة حقًا من النهوض بدورها في ميثاق الأطلسي الجديد والعمل مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات الدولية، يتعين عليها الوفاء بوعد بريطانيا العالمية. لا تزال المملكة المتحدة تتمتع بقدرة تحسد عليها على إنتاج ابتكارات عالمية المستوى، لكنها لن تكون قادرة على الاستفادة منها في حال أضحت ذات طابع داخلي وانعزالي. يجب على صُناع السياسات الجمع بين التركيز المتجدد على تسريع الابتكار في الداخل والالتزام ببناء تحالفات عالمية يمكنها توسيع نطاق النتائج ودفع النمو والازدهار في المستقبل.

لقد تنبأ ميثاق الأطلسي الأصلي لعام 1941، الذي حدد فيه رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل والرئيس الأمريكي فرانكلين دي روزفلت أهدافهما للنظام العالمي في مرحلة ما بعد الحرب، بعصر من التراجع البريطاني النسبي وعصر ذهبي للنمو الأمريكي. واليوم، يتعين على المملكة المتحدة، على وجه الخصوص، إدراك أن التكنولوجيا والابتكار لا يُشكلان حجر الأساس لازدهار الغرب في المستقبل فحسب، ولكنهما أيضًا أساسيين للحفاظ على مكانته العالمية.


https://prosyn.org/sk0gFjaar