gabriel6_Peter Steffenpicture alliance via Getty Images_amazongermany Peter Steffen/picture alliance via Getty Images

أعيدوا لأوروبا اعتبارها

برلين ــ يوما بعد يوم يتضح لنا على نحو متزايد أن الاتحاد الأوروبي لم يُنشأ لكي يكون كيانا فاعلا على المستوى العالمي. فالاتحاد الأوروبي فكرة أوروبية محضة، وُضعت لإحلال السلام والرخاء في إقليم مزقته قرون من الحروب المتواصلة. وكان القصد من إنشائه أن يعتني بشؤونه الخاصة، على أن يدع القضايا ذات الأهمية العالمية للعضوين الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهما بريطانيا وفرنسا.

في ظل هذا الترتيب، تمكن الاتحاد الأوروبي من تحقيق الاستقرار لجيرانه. ورغم تبني الدول الأخرى استراتيجيات سياسية واقتصادية عالمية، اعتمدنا نحن كأوروبيين على تاريخنا المشترك وتقاليدنا الديمقراطية وبوصلتنا الأخلاقية في خدمة تكامل إقليمي متقطع. لكن مواطن القوة تلك لن تضمن لأوروبا تواصل دورها المهم. فما نشهده من تغير اقتصادي وقفزات تقنية (كالمنصات الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي، والتشغيل الآلي (الأتمتة)، واحتكارات البيانات، والتوزيع ذي التكلفة الحدية الصفرية) يعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، ويحدث انقلابا في هياكل القوة الراسخة، ويغذي التمزق السياسي داخل بلدان كثيرة.

هنا تتكشف نقطة الضعف الحقيقية التي تعيب أوروبا. إذ لا يُظهر الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء أي استجابة فعّالة أو تفاعل مؤثر مع الاتجاهات التقنية السياسية الرائجة في عصرنا. فنجد من ناحية أن نمو الشركات الكبرى فوق الوطنية يعيد تشكيل المعايير عبر الاقتصاد العالمي، بينما يخلق سعي الصين لتحقيق الاستقلال التقني (وبعده السيادة) انقساما في البنية الفوقية للاقتصاد العالمي من ناحية أخرى. ورغم تناقض هذين الاتجاهين إلى حد ما، فإن بينهما شيئا مشتركا وهو: وقوف أوروبا موقف المتفرج.

https://prosyn.org/BG1A4gVar