التمرد النيجيري الذي يحركه الفقر

لاجوس- لقد دمرت قوات الامن النيجيرية قرية يعيش اهلها على صيد الاسماك في شمال شرق نيجيريا مما ادى الى مقتل 200 شخص وتدمير حوالي الفي منزل وذلك من اجل القضاء على اعداد قليلة من الطائفة الاسلامية الراديكالية بوكو حرام . ان الهجوم يعكس زيادة الاحباط عند العسكريين من المتطرفين والذين نظموا عشرات الهجمات في السنوات الاربعة الماضية وبينما ادان الرئيس النيجيري جودلك جوناثان وامين عام الامم المتحدة بان كي مون مقاربة الجيش المبنية على أساس الاستخدام المفرط للقوة، فإن هذه ليست المرة الاولى التي تتسبب فيها الاشتباكات مع المتطرفين باضرار جانبية كبيرة ومن المؤكد انها لن تكون الاخيرة .

ان بوكو حرام والتي هدفها الرئيس هو اجبار نيجيريا على تبني قانون الشريعة قد اثبتت وبشكل مفاجىء صلابتها منذ ان اعلنت  الحرب على الحكومة سنة 2009 ردا على اعدام العسكر لقائدها محمد يوسف. لقد استخدمت بوكو حرام تكتيكات حرب العصابات مثل اضرب واهرب والانتحاريين في شن هجمات على مراكز الشرطة والمباني الحكومية والكنائس مما أدى الى مقتل الالاف وبالرغم من الاشتباكات العنيفة مع قوة مهام عسكرية خاصة في بورنو ويوبي وهي الولايات الشمالية والتي تنشط فيها بوكو حرام فإن هذه الطائفة ما تزال قوية .

ان الحساسيات السياسية في الشمال الذي يغلب عليه المسلمون قد اجبرت جوناثان وهو مسيحي من الجنوب على ان يكون حذرا فيما يتعلق بجهوده لاحتواء بوكو حرام . ان العديد من الشماليين يكرهون حقيقة ان الرئاسة عادت الى جنوبي بعد فترة رئاسة واحدة فقط لشمالي (هناك اتفاق غير رسمي بإن يتعاقب على الرئاسة الشمال والجنوب كل دورتين رئاسيتين ).

لقد استخدم السياسون والامراء( قادة مسلمون تقليديون ) التمرد الحالي من اجل الحاق الضرر بمصداقية جوناثان مما يقوي من حملتهم لاعادة الرئاسة الى الشمال . اولا ، أمروا جوناثان بحل قوة المهام العسكرية حيث ادعوا ان تلك القوة تحتل الشمال وتزعج المدنيين ومن ثم طالبوا جوناثان بتمديد العفو عن اعضاء بوكو حرام والبدء بحوار ولقد رفض جوناثان في البداية طلباتهم حيث ذكر في الشهر الماضي انه لا يستطيع التفاوض مع "اشباح ".

لكن بعد ان اصبحت المطالبات بالعفو تصم الاذان رضخ جوناثان وفي الاسبوع الماضي قام بانشاء اللجنة الرئاسية للحوار والحل السلمي للتحديات الامنية في الشمال وهي لجنة تضم 26 عضو وتتألف بشكل رئيسي من قادة شماليين حيث تنحصر مهمتها في فتح حوار مع بوكو حرام والعمل على تحديد بنود العفو والتعويض لضحايا التمرد.

لكن قبل ان تقوم الحكومة حتى باعلان قرارها ، رفض زعيم بوكو حرام ابو بكر شيكاو العرض وفي تسجيل صوتي ارسلة الى صحفيين في وقت سابق من هذا الشهر ، ذكر ان المنظمة لم تفعل شيئا يستوجب العفو وطبقا لشيكاو فإن الحكومة النيجيرية هي الطرف الظالم وان بوكو حرام لن تتخلى عن القتال.

PS Events: AI Action Summit 2025
AI Event Hero

PS Events: AI Action Summit 2025

Don’t miss our next event, taking place at the AI Action Summit in Paris. Register now, and watch live on February 10 as leading thinkers consider what effective AI governance demands.

Register Now

ان هذا التحدي يعكس الموقف القوي لبوكو حرام وكما اشار تقرير وزارة الخارجية الامريكية فإن "مظالم المواطنين النيجريين والمتعلقة بالفقر وفساد الحكومة وقوات الامن ووحشية الشرطة وافلاتهم من العقوبة قد خلقت تربة خصبة من اجل تجنيد اعضاء بوكو حرام ".

لقد اضعفت المنافسة من اسيا في السنوات الاخيرة صناعة النسيج في الشمال والتي كانت مزدهرة في الماضي مما ترك الالاف بدون عمل كما دمر الجفاف الزراعة وبقي قطاع الخدمات بدون تطوير والان هناك ملايين الشباب الفقراء والعاطلين عن العمل الذين يسعون الان لبديل والذي يمكن ان تقدمه بوكو حرام بخطابها التحريضي والذي تنحي باللائمة فيه على قادة البلاد فيما يتعلق بمتاعب الناس ومع تدفق الالاف على مراكز التجديد لديها فإن بوكو حرام لا تواجه نقص في الجنود الراغبين في الاستمرار في حرب الاستنزاف التي تخوضها ضد الحكومة النيجيرية.

ان جوناثان يقر بإن أكثر مقاربة فعالية من اجل الحد من اعداد المنتسبين لبوكو حرام هو التعامل مع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية العميقة في الشمال وعليه فلقد قام بدعم مبادرة من اجل بناء مدارس جديدة في الشمال سوف تزود الشباب بمهارات قيمة ولقد تم التوجيه باجراء دراسات من اجل احياء اقتصاد المنطقة ولكن مثل تلك الجهود تحتاج لوقت حتى تأتي بنتائج .

ان متاعب الشمال هي فقط جزء من ما يحدث في البلاد بشكل عام من تزايد البطالة والقلق عند الشباب والفساد وانعدام الامل ويبدو ان جوناثان غير قادر على مكافحة الفساد الرسمي والذي وكما يؤكد التقرير الامريكي منتشر في جميع القطاعات من الشرطة الى المحاكم .

لقد فشل حزب الشعب الديمقراطي خلال فترة حكمه والتي امتدت لاربعة عشر عاما في ان يعبر بوضوح عن برامج وسياسات يمكن ان تمنح النيجيريين شعورا جديدا بأن لديهم هدف في الحياة. ان معظم النيجيريين يتوقعون ان الانتخابات العامة سنة 2015 سوف تأتي بمجموعة جديدة من السياسيين الذين يخدمون انفسهم مع عدم وجود ادنى اهتمام لديهم بتحسين الوضع ولو كانوا محقين فإن بوكو حرام سوف تستمر في الازدهار.

https://prosyn.org/oM0isLrar