singer228_ humanitix

الميزة التنافسية لعمل الخير

برينستون ــ قد يبدو الأمر غير بديهي، ولكن في الاقتصاد الرأسمالي، فإن عمل أقصى درجات الخير من الممكن أن يعطي ميزة تنافسية. أنا لا أقصد الشركات التي تتبرع بنسبة ضئيلة جدًا من أرباحها للجمعيات الخيرية أو تخبرك بأنها تعمل على الحد من انبعاثات الغازات التي تتسبب في الاحتباس الحراري، بل أنا أتحدث عن الشركات التي تتبرع بنسبة 100% من أرباحها – أو ما يقرب من ذلك – للجمعيات الخيرية الفعالة التي تعمل الكثير من أجل الخير.

إن شركة الأغذية الأمريكية نيومان أون التي أسسها سنة 1982 الممثل الراحل بول نيومان والمؤلف الراحل أ ي هوتشنر تعتبر مثالاً مبكرًا لشركة تتبرع بنسبة 100% من أرباحها للأعمال الخيرية حيث تذهب الأرباح الى مؤسسة نيومان أون والتي وزعت حتى الآن أكثر من 600 مليون دولار أمريكي للجمعيات الخيرية التي تعمل من أجل الأطفال المحرومين. لقد أشار هيو جاكمان أنه استلهم فكرة مؤسسته الخيرية "لافانغ مان كوفي " من نيومان أون.

ولعل الشركة الأبرز التي تعمل على أساس نفس هذا النموذج اليوم هي باتاجونيا وهي شركة أمريكية للملابس المخصصة للأنشطة في الهواء الطلق والتي أسسها إيفون شوينارد في عام 1973. وبعد ما يقرب من خمسين عامًا، عندما بلغت قيمة الشركة حوالي 3 مليارات دولار، أعطاها شوينارد لمنظمة غير ربحية مع التحقق من استخدام جميع أرباحها لحماية البيئة ومكافحة تغير المناخ.

لقد بدأ هذا الترتيب في سبتمبر 2022، وحتى الآن، تم تخصيص أرباح تصل إلى 71 مليون دولار للمبادرات البيئية التي تشمل إيقاف منجم مقترح في ألاسكا والمحافظة على الأراضي في أمريكا الجنوبية بالإضافة الى المساعدة في انتخاب أعضاء الحزب الديمقراطي المؤيدين للبيئة في الولايات المتحدة الأمريكية.

إن قرار شوينارد والذي حظي بدعم زوجته وابنيه البالغين بالتخلي عن شركته هو أمر جدير بالثناء على وجه الخصوص لأنه من أجل تمكين منظمة غير ربحية بإن يكون لها خيار دعم المرشحين السياسيين، كان على الأسرة أن تتخلى عن مزايا ضريبية كبيرة على تبرعها الضخم.

وعلى الرغم أنه من الرائع أن أرباح باتاجونيا ستدعم دائمًا حماية البيئة، إلا أن نجاح الشركة لا يثبت أن عمل أقصى درجات الخير يمنح الشركة ميزة تنافسية، ففي واقع الأمر وعلى الرغم من أن باتاجونيا تتميز بالعديد من السياسات النافعة بما في ذلك التبرع بنسبة 1٪ من إجمالي مبيعاتها للمنظمات البيئية وتشجيع إصلاح وتبادل وإعادة تدوير ملابسها، فإن هذه الابتكارات جاءت إلى حد كبير بعد نجاح الشركة. لقد عكس نجاحها الأولي إلى حد كبير مدى استحسان الناس للبضائع التي كانت تبيعها.

PS Events: AI Action Summit 2025
AI Event Hero

PS Events: AI Action Summit 2025

It is not too late to watch our AI Action Summit event.

Click the link to watch world leaders, tech experts, and other distinguished speakers – including Justin Trudeau, Petr Pavel, Daron Acemoglu, Reid Hoffman, Marianna Mazzucato, James Manyiga, Audrey Tang, Sylvain Duranton, Celina Lee, Patrick Pouyanné, and others – discuss some of the most important questions raised by the rise of artificial intelligence.

Watch Now

والآن بعد أن أصبح من الواضح أن كل أرباح باتاجونيا ستذهب نحو حماية البيئة، فهل ستحقق الشركة أداءً أفضل؟ يعتقد فنسنت فان دير هولست، أحد المسوقين عبر الإنترنت انها سوف تتمكن من ذلك، وهو يجادل بأن الشركات التي تتبرع بأرباحها للأعمال الخيرية "تنمو بشكل أسرع، وتعيش لفترة أطول، وتكون أكثر ربحية". وبناءً على ذلك، أنشأ BOAS وهي منصة لبيع الجينز الكلاسيكي والتي تعهدت بالتبرع بنسبة 90% من أرباحها للجمعيات الخيرية الفعالة وذلك من أجل انقاذ حياة الأطفال الذين يموتون بسبب أمراض يمكن الوقاية منها في البلدان المنخفضة الدخل. (الإفصاح: لقد استثمرت مبلغ 500 يورو، أو ما يعادل 537 دولارًا أمريكيًا في  BOAS على أمل أن يكون العائد الأكثر أهمية لاستثماري هو معرفة أنه ساعد في إنقاذ الأرواح).

إن BOAS لم تجني حتى الآن ما يكفي من المال ليتم الاستشهاد بها كمثال لشركة ناجحة تأسست لسبب واحد فقط وهو جني المال من أجل انفاقها على الأعمال الخيرية. إن Humanitix وهي وكالة لبيع التذاكر أسسها الاستراليين آدم مكوردي وجوشوا روس في عام 2016هي مثال أفضل على اكتساب الشركات لميزة تنافسية من خلال التبرع بنسبة 100% من أرباحها إلى جمعيات خيرية فعالة للغاية.

لقد انطلق مكوردي وروس في رحلة مشي لمسافات طويلة عبر سريلانكا بعد فترة وجيزة من انتهاء الحرب الأهلية المأساوية في ذلك البلد في عام 2009. إن الفقر والمصاعب التي شهداها خلال تلك الرحلة زاد من تصميمهما على العمل معًا من أجل مساعدة الأطفال الذين كانوا أقل حظًا منهم.

لقد كان مكوردي مهندسًا وروس محللًا ماليًا. كيف يمكن أن يعملوا معًا لتحقيق أقصى درجات الخير؟ وكانت الإجابة غير المتوقعة هي إنشاء وكالة لبيع التذاكر، ومثل معظم الأشخاص الذين يشترون تذاكر للفعاليات عبر الإنترنت، لم يعجبهم رؤية أسعار تذاكرهم وهي ترتفع بسبب إضافة وكالة التذاكر لرسومها حيث أدركوا أن مشترياتهم كانت تزيد من أرباح مجموعة من المالكين المجهولين، ومع ذلك، فإن سهولة حجز التذاكر عبر الإنترنت تعني أنه بالنسبة لمعظم منظمي الفعاليات، لا يوجد بديل عملي لاستخدام الوكالات ولا يوجد أساس لاختيار وكالة بدلاً من أخرى.

ولكن ماذا لو كانت هناك وكالة لبيع التذاكر لا تحقق أرباحاً لأصحابها (المفترض أنهم أثرياء)، ولكنها مملوكة بالكامل لمؤسسة خيرية، بحيث تذهب كل أرباحها بموجب القانون إلى قضية يؤيدها الجميع تقريباً مثل مساعدة الأطفال الذين يعيشون في فقر مدقع؟ سوف يشعر مشترو التذاكر بإيجابية أكبر تجاه تلك الوكالة مقارنة بالوكالات الأخرى، وسوف تتدفق بعض مشاعرهم الإيجابية نحو الفعالية نفسها ومنظميها الذين سيكون لديهم سبب لتفضيل وكالة التذاكر هذه على غيرها.

لقد كانت تلك هي نظرية مكوردي وروس علمًا أنه بدعم من مؤسسة أتلاسيان وحكومة نيو ساوث ويلز، تمكنوا من اختبار تلك النظرية. لقد أصبحت  Humanitixمنصة التذاكر الأسرع نموًا في أستراليا ونيوزيلندا، وتقوم الآن بتثبيت اقدامها في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرغم من الحاجة إلى إعادة استثمار جزء كبير من أرباحها لضمان النمو المستقبلي، فقد تبرعت  Humanitix بالفعل بمبلغ 4 ملايين دولار للجمعيات الخيرية الفعالة التي تساعد الأطفال وهي في طريقها للتبرع بمبلغ إضافي قدره 5 ملايين دولار في عام 2024.

لقد نجحت النظرية بالنسبة لوكالات التذاكر. إن القيام بأقصى درجات عمل الخير يوفر ميزة تنافسية. إن هناك المزيد من التطبيقات في انتظار اكتشافها.

https://prosyn.org/7ly1T9dar