obasanjo3_Philippe Marion_Getty Images_africa women Philippe Marion/Getty Images

أفريقيا ولحظة الحقيقة لمجموعة العشرين

لاجوس-  يبدو أن هذه السنة هي سنة الإختلالات العالمية فنحن لا نشهد الإضطرابات السياسية والغموض الإقتصادي فحسب بل أيضا الإبتكار التحويلي وبروز التفكير الجديد.

إن مؤسسات الحكم العالمية تواجه العديد من التحديات : تباطؤ النمو الإقتصادي والأسواق المالية المتقلبة وتهاوي أسعار البضائع وبروز المخاطر الإقتصادية (وخاصة في الصين )وموجات اللاجئين والمهاجرين والتوترات الجيوسياسية وتصاعد إنعدام المساواة والتفكك الإجتماعي بالإضافة إلى تهديد التطرف العنيف ولهذا السبب ومع وجود عالم يزداد إنقساما وغموضا فإن على قادة العالم أن يلتزموا بتعددية جديدة في قمة مجموعة العشرين لهذا الشهر في هانزو في الصين.

يتوجب على حكومات مجموعة العشرين على وجه الخصوص من أجل الإلتزام بالفكرة الرئيسية للقمة " نحو إقتصاد عالمي إبتكاري ونشط ومترابط وشامل " التركيز على الإستقرار المالي والنمو المستدام في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء وخاصة في أفريقيا . إن قمة ناجحة تتطلب من الحكومات الأعضاء إعادة التأكيد على الإلتزامات في أربعة مجالات والتوسع فيها .

أولا ، يجب على دول مجموعة العشرين الإقرار بإن الطاقة والمناخ والتنمية مرتبطة بشكل وثيق والتوقف عن دعم إنبعاثات الكربون . إن العديد من دول مجموعة العشرين تنفق حاليا مليارات الدولارت على دعم الجهود لإستغلال إحتياطات فحم ونفط وغاز جديدة وعوضا عن إستخدام أموال دافعي الضرائب من إجل زيادة التغير المناخي فإن على الحكومات إخراج الكربون من السوق من خلال فرض الضرائب (إن هذه الحقيقة الملحة مهمة على وجه الخصوص بالنسبة لإفريقيا والتي ستدفع الثمن غاليا في حالة وقوع كوارث مرتبطة بالمناخ على الرغم من مساهمتها القليلة جدا في المشكلة).

في قمة مجموعة العشرين لسنة 2009 وافقت الدول الأعضاء على "الترشيد والتخلص التدريجي على المدى المتوسط فيما يتعلق بدعم الوقود الأحفوري الذي يشجع على الإستهلاك المسرف". يتوجب على مجموعة العشرين الآن متابعة تنفيذ ذلك الإلتزام وتحديد جدول زمني واضح لإنهاء دعم الوقود الأحفوري بما في ذلك الشفافية الكاملية فيما يتعلق بذلك الإنفاق إبتداءا من سنة 2017 بالإضافة إلى منع دعم التنقيب عن النفط والإنتاج بحلول سنة 2018 .

ثانيا ، يجب أن تلتزم مجموعة العشرين بمحاربة التهرب الضريبي وتفكيك النظام الغامض المتعلق بالملاذات الضريبية والشركات الوهمية (التي تم تسليط الضوء عليها في وقت سابق من هذا العام من خلال أوراق بنما ) والتي يتم إستخدامها في ضخ الأموال خارج أفريقيا وطبقا للجنة العليا في الإتحاد الإفريقي للتدفقات غير القانونية والتي يترأسها الرئيس الجنوب أفريقي السابق ثابو مبيكي فإن أفريقيا تخسر أكثر من50 مليار دولار أمريكي كل عام بسبب هذه التدفقات المالية غير القانونية . يتوجب على الدول الأعضاء في مجموعة العشرين تقوية متطلبات الكشف الضريبي ومنع إنشاء الشركات الوهمية وتكثيف الجهود لمحاربة غسيل الأموال وتأسيس سجلات عامة لملكية الشركات .

SPRING SALE: Save 40% on all new Digital or Digital Plus subscriptions
PS_Sales_Spring_1333x1000_V1

SPRING SALE: Save 40% on all new Digital or Digital Plus subscriptions

Subscribe now to gain greater access to Project Syndicate – including every commentary and our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – starting at just $49.99.

Subscribe Now

لقد وضعت مجموعة العشرين ومنظمة التعاون الإقتصادي والتنمية بالفعل بعض الإجراءات لمواجهة وسائل التهرب الضريبي مثل نقل الأرباح من الدول مرتفعة الضرائب إلى ملاذات ضريبية . يجب التسريع من تلك الجهود ويجب على المجتمع الدولي دعم جهود الدول الأفريقية في تخفيض التدفقات المالية غير القانونية وخاصة من خلال الفواتير التجارية غير الصحيحة وتقوية إدارة الضرائب والجمارك . إن مجموعة العشرين تدين لإفريقيا بحلول معتبرة وفعالة من أجل التعامل مع هذه المشكلة .

ثالثا ،يتوجب على مجموعة العشرين دعم الزراعة والثروة السمكية الأفريقية . إن إنتاج الغذاء في أفريقيا يعاني من نقص شديد في التمويل وهو مستثنى كذلك من الخدمات المالية ولدرجة أن القارة تستورد غذاء كل عام تصل قيمته لمبلغ 35 مليار دولار أمريكي وعلى الرغم من ذلك فإن أفريقيا تتمتع بموارد طبيعة كبيرة تكفي لإطعام نفسها والتصدير لبقية العالم لو تمكنت من تحقيق إمكاناتها .

إن ثلثي الأفارقة يعتمدون على الزراعة أو الثروة السمكية لكسب عيشهم ولكن صيد الإسماك غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم قبالة السواحل الأفريقية قد وصل لمستويات كبيرة مما يحرم المجتمعات الساحلية من الدخل والفرص . إن الفساد وصيد الأسماك غير القانوني لا يعترفان بالحدود الوطنية مما يعني أنه يتوجب وجود رد دولي للتعامل معهما.

يجب على مجموعة العشرين تصنيف صيد الأسماك غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم كجريمة دولية ووضعها تحت سلطة الإنتربول بحيث تلعب الشرطة وكالات الجمارك ووزارات العدل دورا أكثر نشاطا في التنفيذ ونظرا لإن صيد الأسماك غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم يمثل شكلا من أشكال سرقة الموارد الوطنية تشبه التهرب الضريبي فإن مجموعة العشرين لديها الأسس للتصرف في هذا الخصوص.

بالنسبة للزراعة فإن على حكومات مجموعة العشرين متابعة الإلتزامات التي تم الإعلان عنها في قمة بطرسبرج سنة 2009 من أجل زيادة التمويل للدول النامية بمقدار 21 مليار دولار أمريكي علما أن الوفاء بذلك الوعد قد طال إنتظاره.

أخيرا ، يتوجب على مجموعة العشرين المساعدة في سد الفجوة التمويلية المتعلقة بالطاقة في أفريقيا والتي تقدر بمبلغ 55 مليار دولار أمريكي سنويا حتى سنة 2030 ودعم إنتاج الطاقة المتجددة في القارة .إن زيادة إنتاج الطاقة في أفريقيا ستعزز النمو الإقتصادي للدول الإفريقية وللإقتصاد العالمي بشكل عام والأهم من ذلك أن تطوير موارد الطاقة منخفضة الكربون الآن سيسمح لها بتجنب نموذج النمو كثيف الكربون الذي تتبناه الدول الغنية وغيرها من الأسواق الناشئة وخاصة في آسيا.

لقد وضعت مجموعة العشرين بالفعل تمويل البنية التحتية الإفريقية كأولوية حيث عملت الدول المانحة على تطوير مجموعة من آليات التمويل الخاص المتعلقة بهذا الجهد وعليها الآن إستخدام تلك الأدوات .

إن قمة هانزو تشكل لحظة الحقيقة بالنسبة لحكومات مجموعة العشرين والتي قامت بعمل إلتزامات سابقة بشأن أفريقيا . إن متابعة تنفيذ تعهداتها سيساعد على تحريك التصنيع في القارة  مع تشجيع النمو الأكبر والشامل والمستدام عالميا وكما قال رئيس لجنة التقدم لإفريقيا كوفي آنان مرارا وتكرارا : " إن الوعود المهمة الوحيدة هي تلك الوعود التي يتم الوفاء بها."

https://prosyn.org/s2Grjztar