furman9_ STEFANI REYNOLDSAFP via Getty Images_USemploymenthiring Stefani Reynolds/AFP via Getty Images

ضرورة وقف مداومة الأجور-الأسعار في أميركا

كمبريدج ــ تشير بيانات نمو الأسعار والأجور الأخيرة بوضوح متزايد إلى أن معدل التضخم الأساسي في الاقتصاد الأميركي لا يقل عن 4% ومن المرجح أن يتجه إلى المزيد من الارتفاع وليس الانخفاض. على الرغم من مسارعة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى العمل بقوة في الأشهر الأخيرة على احتواء التضخم، فمن المؤسف أنه سيضطر إلى الالتزام بخطته لرفع أسعار الفائدة بسرعة إلى أن ينشأ دليل واضح على أن التضخم الأساسي بدأ يتباطأ بشكل كبير. وهذا أمر صعب بشكل خاص عندما يكون الاقتصاد متباطئا بالفعل، لكن البديل المتمثل في إرجاء التحرك بينما يصبح التضخم أشد رسوخا سيكون أسوأ كثيرا.

حتى الآن هذا العام، ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بمعدل سنوي قدره 7.7%، وهذا أعلى كثيرا من المستوى المستهدف من قِـبَـل بنك الاحتياطي الفيدرالي (2%). يرجع بعض هذا الارتفاع إلى أحداث خارجية، وخاصة غزو روسيا لأوكرانيا، والذي دفع أسعار البنزين والمواد الغذائية إلى الارتفاع. والآن بعد أن بدأت أسعار البنزين تتجه إلى الانخفاض عن الذروة التي بلغتها، يجب أن ينخفض التضخم الأساسي بشكل حاد. مع ذلك، حتى لو استبعدنا هذه الأسعار المتقلبة، يظل "التضخم الأساسي" يسير بمعدل سنوي قدره 4.8% وكان متسارعا في الآونة الأخيرة. علاوة على ذلك، سجلت كل المقاييس الأخرى التي تستبعد المكونات المتقلبة من مؤشر الأسعار ــ مثل المتوسط المشذب، والمتوسط، والخدمات، والتضخم الحساس للدورة الاقتصادية ــ زيادات ملموسة، وبعضها ارتفع حتى عن التضخم الأساسي.

من الصعب إيجاد الأعذار عن هذا التضخم، ناهيك عن الأعذار التي قد تبرر الاعتقاد بأنه سيختفي من تلقاء ذاته في أي وقت قريب. ففي حين أدت حرب روسيا في أوكرانيا إلى زيادة أسعار النفط والغذاء، فإن هذه الأسعار تخلف تأثيرا مباشرا عابرا على التضخم الأساسي، الذي يُـعَـوَّض عنه جزئيا بفعل تغيرات سلوكية حيث يلجأ المستهلكون إلى تقليص إنفاقهم بسبب ارتفاع تكاليف البنزين والمواد الغذائية. علاوة على ذلك، أصبح تأثير جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19) على الاقتصاد أقل من أي وقت مضى منذ فبراير/شباط 2020، وبقدر ما كانت تؤثر على التضخم عندما كانت في ارتفاع، فإنها كانت في الأرجح تدفعه إلى الانخفاض وليس الارتفاع. ألقى العديد من المعلقين باللوم على تشابكات سلاسل التوريد عن تعزيز تضخم أسعار السلع، لكن ذلك المقياس انخفض فعليا وحل محله تضخم الخدمات الأكثر جمودا. كان المفترض أن يُـفـضي الفطام عن سياسات الدعم المالي إلى خفض التضخم، لكن هذه العملية انتهت في الأغلب قبل أكثر من عام.

https://prosyn.org/rOHDTHaar