moghalu2_FABRICE COFFRINIAFP via Getty Images_ngozi okonjo-iweala wto Fabrice Coffrini/AFP via Getty Images

اللحظة الأفريقية لمنظمة التجارة العالمية

بوسطن- لقد دخلت عملية اختيار المدير العام الجديد لمنظمة التجارة العالمية مرحلتها الأخيرة حيث بقي مرشحان فقط في هذا السباق الانتخابي وهما نغوزي اوكونجو-ايويالا وهي وزيرة سابقة للمالية والاقتصاد في نيجيريا كما عملت سابقا كمديرة تنفيذية في البنك الدولي ووزيرة التجارة الكورية الجنوبية يو ميونغ-هي ونظرا للتحديات الحالية التي تواجه منظمة التجارة العالمية فإن اوكونجو -ايويالا هي الخيار الأفضل.

تواجه منظمة التجارة العالمية أزمتين رئيسيتين وهما ازمة مؤسسية بسبب التنافس بين القوى العظمى وبالتحديد بين الولايات المتحدة الامريكية والصين وأزمة تتعلق بالعولمة حيث تعتبر منظمة التجارة العالمية بحكم وظيفتها كمشرف على قواعد التجارة العالمية رمزا رئيسيا في تلك الازمة.

لقد أصابت التوترات التجارية الصينية الامريكية المنظمة بالشلل حيث تعيق الولايات المتحدة الامريكية تعيين قضاة جدد للهيئة الاستئنافية فيها وهي الهيئة التي تعمل على تسوية النزاعات التجارية بين الدول الأعضاء وبالإضافة الى ذلك فإن ازمة كوفيد-19 وهي مصدر آخر للتوترات بين القوى العظمى قد دفعت العديد من الشركات للنظر في إعادة توطين الإنتاج وذلك من اجل التقليل من اعتمادها على الموردين الصينيين الذين تأثروا بالجائحة مما يعني تعطيل سلاسل التوريد العالمية والتي تعتبر حيوية للتجارة العالمية.

 لو تم اختيار اوكونجو -ايويالا لقيادة منظمة التجارة العالمية فإن لديها المؤهلات القيادية لإعادة الأهمية لمنظمة محطمة. تحتاج منظمة التجارة العالمية الى قائد عالمي مجرب لديه خبرة كبيرة فيما يتعلق بدور التجارة في التنمية بدلا من بيروقراطي تجاري قد لا يمتلك رؤية أوسع. ان خبرة اوكونجو-ايويالا في البنك الدولي (الولايات المتحدة الامريكية والصين لاعبان رئيسيان في البنك) وكوزيرة مالية إصلاحية في نيجيريا تعني ان اوكونجو -ايويالا والتي تخرجت من جامعتي هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تجمع بشكل فريد مهارات القيادة السياسية مع الكفاءة المجربة كتكنوقراط.

تحتاج منظمة التجارة العالمية الى قائد يمكنه بناء حالة من التوافق وذلك لإن تصميم المنظمة لا يسمح بقيادة من قمة الهرم لأسفله. ان لدى اوكونجو-ايويالا القدرة على بناء الجسور بين الولايات المتحدة الامريكية والصين من ناحية وبين منظمة التجارة الدولية وافريقيا من ناحية أخرى.

على الرغم من انه ينظر الى افريقيا على نطاق واسع بإنها ستلعب دورا رياديا في المستقبل على مستوى العالم بالنسبة للاستثمار والتنمية فإنها ما تزال بالأساس تكتفي بدور المتفرج فيما يتعلق بنظام التجارة العالمي حيث تشكل نسبة محدودة جدا تصل الى 2% من الصادرات العالمية وعلى الرغم من ان القارة تعتبر سوق متنام لمنتجات العولمة ، فإنها لا تستفيد كثيرا من التجارة العالمية بسبب حضورها المحدود في سلاسل القيمة العالمية وفي حين ان تجارة افريقيا تنحصر بشكل رئيسي في المنتجات الزراعية والموارد الطبيعية فإن معظم التجارة العالمية هي في التصنيع والخدمات .

PS Events: AI Action Summit 2025
AI Event Hero

PS Events: AI Action Summit 2025

Don’t miss our next event, taking place at the AI Action Summit in Paris. Register now, and watch live on February 10 as leading thinkers consider what effective AI governance demands.

Register Now

تحتاج افريقيا الى التجارة مع العالم على نفس الأساس الذي تتم بموجبه التجارة مع المناطق الأخرى ولكن نظام التجارة العالمي يبقي القارة بدون تنمية وعلى وجه الخصوص تفرض الدول الصناعية تعريفات منخفضة على واردات السلع الخام الأفريقية، ولكنها تفرض رسومًا أعلى على السلع الأفريقية الجاهزة - وهي في الواقع أعلى من تلك المفروضة على السلع المماثلة المستوردة من مناطق أخرى.

وهكذا فإن التجارة العالمية اليوم ليست لصالح افريقيا ومن اجل المساعدة في تصحيح هذا الخلل فإن احكام منظمة التجارة العالمية الخاصة والتفضيلية للدول الأقل نموا يجب ان تسمح للحكومات الافريقية بإن تمنح حماية مؤقتة من التعريفات للمصنعين المحليين الصغار ضمن احكام منظمة التجارة العالمية. ان من الممكن ان نطلق على مثل تلك الإجراءات الضرورية والمؤقتة "الحماية الذكية".

بشكل عام فلقد حان الوقت لجعل منظمة التجارة العالمية تعمل لمصلحة جميع الدول الأعضاء وليس فقط القوى الكبرى او الدول التي بنت نجاحها الاقتصادي العالمي على الحمائية التجارية والتي تسعى الان الى ازالة الدعم المقدم للدول النامية. ان أفضل شخص يمكنه التوسط في إعادة التوازن الهيكلي هذا والذي سوف يساهم في توسيع مجال الازدهار العالمي هو قائد من منظمة التجارة العالمية لا ينتمي الى أي من القوى التجارية الكبرى.

بالإضافة الى ذلك فإن الدول الافريقية لا تستخدم حاليا نظام تسوية النزاعات التابع لمنظمة التجارة العالمية لإنها أضعف من ان تتصدى للدول المانحة سواء كانت تلك القوى قوى غربية او الصين وعليه فإنه يتم اغراق الأسواق الافريقية على سبيل المثال بالمنتجات الصينية بدون أي عواقب. تتمتع اوكونجو-ايويالا بالمهارات اللازمة لبناء توافق على إعطاء افريقيا دورا أكثر انصافا في نظام التجارة العالمي.

سوف يعتمد الكثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية الامريكية في 3 نوفمبر حيث يعتقد الرئيس دونالد ترامب ان الصين تتلاعب بالتجارة العالمية على حساب المصالح الوطنية للولايات المتحدة الامريكية بينما تعتقد الصين ان أمريكا ترفض نظام منظمة التجارة العالمية القائم على أساس الاحكام. ان تسوية هذا التوتر سوف يتطلب من كلا القوتين ان تتوفر لديهما الإرادة السياسية للتوصل الى حلول وسط كما سيتطلب الأمر قائد تنمية عالمي مثل اوكونجو-ايويالا والتي أدت مهمات تتعلق بالتنمية على المستوى العالمي مع رؤساء حكومات حاليين وسابقين، وذلك من اجل تسهيل عملية التقارب ولكن بغض النظر عن الرابح في الثالث من نوفمبر فإن جائحة كوفيد -19 ستضعف العولمة بشكل كبير بينما تسعى الولايات المتحدة الامريكية ودول أخرى الى تقصير سلاسل التوريد وتوطينها.

في الوقت نفسه فإن أهمية التجارة العالمية للتنمية البشرية سوف تتضح مجددا عندما تتوفر مليارات الجرعات من لقاح كوفيد-19 وهذا سوف يتحقق على الأرجح في وقت ما في سنة 2021. لقد لعبت اوكونجو-ايويالا دورا قياديا مهما كرئيسة لمجلس إدارة تحالف اللقاحات "جافي" في المفاوضات لجعل اللقاحات متوفرة على نطاق واسع في الدول النامية.

ان منظمة التجارة العالمية هي خليفة الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة والتي جاءت فكرتها الأساسية في اعقاب الحرب العالمية الثانية وذلك كجزء من نظام بريتون وودز ولكن الدعم السياسي المحلي الضعيف في الولايات المتحدة الامريكية تسبب في تأخير تأسيسها. يترأس الأوروبيون صندوق النقد الدولي منذ تأسيسه كما يترأس الأمريكان البنك الدولي وهذا الواقع السياسي عطّل محاولة اوكونجو-ايويالا قيادة البنك الدولي قبل عقد من الزمان تقريبا.

لقد حان الوقت للقضاء على نظام الغنائم هذا وان يحصل العالم النامي على فرصته أخيرا، ونيجيريا والعالم لديهما الان اوكونجو-ايويالا وهي مرشح عالي الكفاءة لقيادة منظمة التجارة العالمية.

https://prosyn.org/1VLDnM7ar