father daughter world Westend61/Getty Images

عام العمل الحقيقي

أكسفورد — ينبغي لنا أن نأمل أن يكون 2019 العام الذي يتحول فيه المد التاريخي. في عام 2018، تزايد عمق الانقسامات داخل البلدان وبين بعضها بعضا. وفي حين أفضت التوترات الجيوسياسية والقَبَلية السياسية إلى تحول العلاقات الدولية والسياسة الوطنية، تأتي تكنولوجيات جديدة لكي تهدم افتراضات قديمة حول الأمن والسياسة والاقتصاد. وما يزيد الأمور تعقيدا تزايد عمق الترابط المتبادل الذي بات يميز مجتمعاتنا. فقد أصبحنا جميعنا خاضعين على نحو متزايد لقوى خارجة عن سيطرة أي كيان منفرد سواء كان دولة أو مدينة أو فردا، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ.

يا له من فارق ذلك الذي أحدثته ثلاثة عقود من الزمن. في عام 1989، بدا الأمر وكأن انهيار الكتلة السوفييتية يبشر بانتصار مبادئ الديمقراطية الليبرالية وقيمها. كما وَعَد تطوير شبكة الإنترنت العالمية في ذلك العام بعصر جديد من الازدهار الإنساني والتعاون العالمي. وحتى في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، انتشرت عبارات شهيرة مثل "موت المسافات" و"العالم مكان مستو".

لكن العولمة لم تجعل العالَم أرضا مستوية، بل جعلته عامرا بالجبال والتضاريس الوعرة. وأكثر من أي وقت مضى، أصبح الرمز البريدي للمكان الذي يعيش فيه المرء يحدد منظوره، ودورة حياته، ومصيره. وبدلا من الاستعاضة عن المثل الوطنية بالقيم المشتركة، أدت العولمة إلى منافسة جشعة ضارية، وانحدار دولة الرفاهة الاجتماعية، وتآكل المؤسسات الدولية. وعلى الرغم من وجود عدد أكبر من الديمقراطيات اليوم من الناحية الفنية مقارنة بعام 1989، فإن العديد منها أصبحت ديمقراطيات أقل ليبرالية.

https://prosyn.org/g952o2Far