talal11_Oswaldo AmayaJam MediaGetty Images_redcrossmexicocoronavirus Oswaldo Amaya/Jam Media/Getty Images

كوفيد 19 في زمن انعدام الاستقرار

لقد شهدت البشرية كثيراً من الجوائح خلال تاريخ العالم وقد حافظت على بقائها. وقبل قرون مضت قامت ممالك ودول أوروبا الوسطى والغربية بإلغاء مؤسسة الرق بعد أن أضحى من الواضح  أن حكم القرون الوسطى سوف تهتز أركانه بعد انتشار وباء مدمر في حال عدم إنهاء التبعية والرق اللذان ميزا "العصور المظلمة" آنذاك. وأثناء انتشار الأنفلونزا الإسبانية، دفع الضعف الذي عانت منه أمم بأكملها والتهديد بالانهيار التام في ظل غياب توافر الرعاية الصحية للجميع، دفع الحكومات نحو بناء أنظمة الرعاية الصحية العامة التي جعلت من الممكن تحقيق التقدم والتنمية التي شهدناها في المائة عام الماضية. وإذا كان الماضي مقدمة للمستقبل، فإن الاستمرارية والبقاء يتطلبان منا التغيير.

لقد تضامن العالم سوياً لمرات عديدة في مواجهة أنواع شتى من التهديدات. في الواقع، إن فايروس كوفيد-19 بات يهدد بشكل كبير هياكلنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وقد يلقي المرض والكساد والخوف بظلاله الداكنة وبوتيرة سريعة على الدول والمجتمعات. وكل يوم آت يحمل في طياته تحديات متنامية ينبغي مواجهتها مثل رعاية المسنين، الحد من تأثيرات الإغلاقات على حياة الناس وسبل رزقهم، تأمين تدفق المياه الكافية، وكذلك الغذاء والطاقة، بالإضافة إلى الإسراع في الجهود الرامية إلى إيجاد العلاج. إن النجاح- كما هو الحال في صراع غير متوازن- يعتمد على المثابرة. ولاحتواء تداعيات الأزمة الاجتماعية-السياسية والاجتماعية- الاقتصادية يتوجب أن تتركز جهود ومساعي صانعي السياسة والقرار على الرفاه والكرامة الإنسانية كنقطة ارتكاز وأساس للأمن الوطني والدولي.

إن أعضاء المجتمع الأكثر تعرضاً في بعض أجزاء عالمنا هم أولئك الذين يتقدمون الصفوف في الأزمة: الأطباء، الممرضات والممرضين، مقدمي الرعاية، الصيدلانيين، المزارعين، بائعي محلات البقالة وسائقي الشاحنات من الذين سنعتمد على شجاعتهم وتضحياتهم وإخلاصهم خلال الإغلاقات المتوقعه في غضون الأشهر ال12 إلى 18 القادمة. وفي غياب مساندة الدول، ماذا سيحدث لمئات الآلاف من الناس الذين تم تسريحهم من عملهم، في حين أن ملايين أخرين يواجهون العسر المرتقب على خلفية الأعداد المتنامية من العاملين الذين سيتم تسريحهم من عملهم. سوف يستمر البعض في تجاهل الضعفاء والمهمشين، أولئك الذين لديهم مساعدات إنسانية في حدها الأدنى، في حين سيستمر آخرون في استغلالهم. إن الدعوات للتباعد الاجتماعي قد تنامى صوتها وتكرارها خلال اليومين المنصرمين، وخلال الشروع في التباعد بعضنا عن بعض يجب علينا أن لا ننسى واجبنا الإنساني تجاه بعضنا البعض.

https://prosyn.org/BNEE7wPar