slevy2_ Jazmín PeñalozaObturadorMXGetty Images_president slevy2_ Jazmín PeñalozaObturadorMXGetty Images

أجندة اقتصادية للرئيسة المكسيكية الجديدة

واشنطن، العاصمةــ في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، ستتولى كلوديا شينباوم، أول رئيسة للمكسيك، مقاليد الـحُـكم، وطوال النصف الأول على الأقل من ولايتها الممتدة لست سنوات، سوف يحظى ائتلاف الأحزاب التي أوصلتها إلى السلطة بأغلبية في مجلسي الكونجرس.

سوف تكون أولى مهام شينباوم في المنصب تخصيص ميزانية الحكومة لعام 2025. وهنا، يجب أن تكون الأولوية القصوى لتقليص عجز ميزانية المكسيك ــ الذي سيصل إلى 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مقارنة بنحو 2% في عام 2018 ــ وبذلك ترسل إشارة واضحة مفادها أن ديون البلاد مستدامة.

يتمثل التحدي التالي في دفع مسار الاقتصاد إلى النمو مرة أخرى. ففي عهد إدارة الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور (المعروف على نطاق واسع باسم أملو) المنتهية ولايتها، بلغ متوسط ​​نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي 1.1% فقط. قد يزعم بعض المراقبين أن النمو البطيء كان نتيجة لجائحة كوفيد-19، وليس سياسات الحكومة، ولكن خلال ذات الفترة، سجلت الولايات المتحدة ــ أكبر شريك تجاري للمكسيك ــ نموا أسرع بمرتين. وسوف يكون نصيب الفرد في دخل المكسيك في عام 2024 عند ذات المستوى الذي كان عليه قبل ست سنوات.

سوف يُـقال لها إنها لتعزيز النمو يجب أن تسعى إلى الاستفادة من التوجه القوي في كثير من الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، نحو "نقل التشغيل إلى بلدان قريبة" ــ أي تحويل سلاسل التوريد إلى دول أكثر ودية و/أو أقرب جغرافيا من الصين. فمن الممكن أن يقدم هذا الاتجاه ــ الذي يشكل استجابة لكل من الجائحة والتوترات المتزايدة الحدة مع الصين ــ فرصة مهمة للمكسيك لاجتذاب مزيد من الاستثمار الأجنبي.

ولكن لاغتنام هذه الفرصة، يتعين على الحكومة أن تُـظـهِـر التزاما أقوى بسيادة القانون، بما في ذلك استقلال القضاء. يتعين عليها أيضا أن تعمل على توسيع نطاق القدرة على الوصول إلى إمدادات الطاقة وتحسين إمكانية التعويل عليها في مختلف أنحاء المكسيك. في الأشهر الأخيرة، قاست البلاد من انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي ــ نتيجة لنظام مفرط الانتشار يعمل بهوامش ضئيلة.

سوف تكون تلبية ضرورة الطاقة مهمة صعبة بشكل خاص. النبأ السار هنا هو أن المكسيك لديها مجال كبير للاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة، وأن شينباوم ملتزمة بتوسيع قدرة الطاقة المتجددة. أما النبأ السيئ فهو أنها ملتزمة أيضا بالتمسك بتعهد الرئيس السابق لها بالإبقاء على 54% على الأقل من توليد الكهرباء تحت سيطرة الدولة. سيكون من الصعب للغاية الوفاء بهذا التعهد ما لم تعمل شركة الكهرباء الحكومية (Comisión Federal de Electricidad) على زيادة قدرتها على توليد الكهرباء بسرعة مع التخلص التدريجي من الفحم والديزل.

Go beyond the headlines with PS - and save 30%
kamala-trump-1333x1000

Go beyond the headlines with PS - and save 30%

As the US presidential election nears, stay informed with Project Syndicate - your go-to source of expert insight and in-depth analysis of the issues, forces, and trends shaping the vote. Subscribe now and save 30% on a new Digital subscription.

Subscribe Now

إلى جانب الكهرباء، تحتاج المكسيك أيضا إلى مزيد من الغاز الطبيعي. لكن شركة النفط والغاز المملوكة للدولة، بيمكس ــ شركة الطاقة الأكثر مديونية في العالم ــ ليست في وضع يسمح لها بزيادة العرض بسرعة. على هذا، فإن أفضل رهانات المكسيك يتمثل في فتح الإنتاج والنقل أمام المشاركين من القطاع الخاص.

حاول سَلف أمـلـو، إنريكي بينيا نييتو، القيام بذلك على وجه التحديد. لكن أمـلـو أهدر أغلب ذلك التقدم. الآن يتعين على شينباوم أن تختار بين الإبقاء على موقف شركة بيمكس المهيمن ــ وبالتالي زيادة الضغوط على الميزانية الفيدرالية الـمُـجـهَـدة بالفعل ــ أو عكس سياسة أمـلـو.

من المؤسف أنه حتى لو سارت الأمور على خير ما يرام، وتمكنت إدارة شينباوم من الاستفادة من الاتجاه إلى نقل التشغيل إلى بلدان قريبة وزيادة جاذبية المكسيك في نظر الشركات الأجنبية، فإن هذا لن يكون كافيا لتحفيز النمو. ففي العقود الثلاثة التي سبقت رئاسة أمـلـو، لم يتجاوز متوسط ​​نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي في المكسيك 2% إلى 2.5%. وهذا أداء متواضع للغاية، خاصة وأن المكسيك خلال هذه الفترة كانت تتمتع بعائد ديموغرافي، وبيئة اقتصادية كلية مستقرة، ونمو مذهل في صادرات التصنيع (التي عند مستوى 40% من الناتج المحلي الإجمالي تتجاوز الآن صادرات بقية بلدان أميركا اللاتينية مجتمعة). ولكن لا شيء من هذا كان كافيا للتغلب على التأثيرات المترتبة على ركود الإنتاجية.

في جذور هذا الركود تكمن شوائب عميقة تعيب تصميم وتشغيل مؤسسات رئيسية. على وجه الخصوص، يدعم نظام الحماية الاجتماعية في المكسيك أنشطة غير رسمية ويفرض تكاليف كبيرة على الأنشطة الرسمية؛ ويدعم نظامها الضريبي شركات غير منتجة ويعوق نمو شركات صغيرة منتجة؛ وتؤدي أوجه القصور التي تعيب عمليات إنفاذ العقود إلى حرمان معظم الشركات من القدرة على الوصول إلى الائتمان.

في المكسيك، تستطيع الشركات غير الرسمية الأقل إنتاجية أن تنافس الشركات الرسمية الأكثر إنتاجية، وذلك بفضل انخفاض الأعباء الضريبية وتكاليف العمالة، والقدرة على التحايل على القواعد والقوانين. ونتيجة لهذا، لا ينمو سوى عدد قليل من الشركات العالية الإنتاجية، في حين ينجو عدد أكبر كثيرا من الشركات المنخفضة الإنتاجية، بدلا من طردها من السوق.

هذا يعني أن الاستثمار يُـهدَر على نحو مستمر ــ يُـنـتِـج كل بيزو (من رأس المال والعمالة) أكثر من 35% من القيمة المضافة في القطاع الرسمي مقارنة بالقطاع غير الرسمي. وفي حين تُـخـلَـق الوظائف باستمرار، فإنها تتكتل في القطاع غير الرسمي وغير الـمُـنـتِـج. وقد استمر هذا الوضع على الرغم من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية وخليفتها، اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا. فما الذي قد يجعل نقل التشغيل إلى البلدان القريبة يبدل هذه الحال؟

لا يعني أي من هذا أن شينباوم لا ينبغي لها أن تحاول جعل المكسيك أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي. بالطبع، ينبغي لها أن تفعل ذلك. ولكن إذا كان الهدف هو النمو الشامل، كما تصر شينباوم لحسن الحظ، فسوف يكون لزاما عليها أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك كثيرا.

يتعين على شينباوم أن تتخلى عن فكرتين راسختين منذ فترة طويلة لكنهما معيبتان إلى حد كبير: الأولى مفادها أن النشاط غير الرسمي سوف يختفي بشكل طبيعي مع تسارع النمو، والثانية أن نظامين مختلفين وغير متساويين للحماية الاجتماعية من شأنهما أن يعززا الإدماج الاجتماعي. بدلا من ذلك، يتعين عليها أن تلتزم بالقضاء على الحوافز المنحرفة التي تنشأ عن المعاملة غير المتساوية للأنشطة الرسمية وغير الرسمية، بما في ذلك إصلاح النظام الضريبي بما يسمح بفرض الضرائب على الأسر المرتفعة الدخل، وليس الشركات الـمُـنتِـجة.

المكسيك بلد يعاني من أوجه تفاوت راسخة، حيث ظل الإنتاج راكدا لعقود من الزمن. وهو في احتياج إلى استراتيجية تتصدى للقضيتين في ذات الوقت. بعيدا عن البلاغة الخطابية، كانت استراتيجية التنمية التي تبناها أمـلـو مماثة في جوهرها لاستراتيجية الرؤساء الذين سبقوه ــ الذين لم يحقق أي منهم هدف النمو الشامل على المستوى الاجتماعي. والمزيد من ذات السياسات لن يجلب سوى مزيد من ذات النتائج. ولكن إذا كانت شينباوم راغبة حقا في معالجة الانقسام بين الرسمي وغير الرسمي وبناء دولة الرفاهة الشاملة المشجعة للإنتاجية، فقد تثبت رئاستها أنها قادرة على تحويل الأمور حقا.

ترجمة: إبراهيم محمد علي            Translated by: Ibrahim M. Ali

https://prosyn.org/RVVBzx7ar