ملبورن ـ مع ارتفاع درجة حرارة مناخ كوكبنا، تزداد كذلك حدة النقاش حول الاستجابة الأكثر جرأة للتعامل معه: هندسة الأرض، أو التعديل المتعمد للغلاف الجوي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. عندما نشر كين كالديرا وديفيد كيث في سنة 2010 "الحاجة إلى أبحاث هندسة المناخ"، لم تكن هندسة الأرض تحظى بأي دعم يذكر ولكن هذا الوضع تغير الآن.
رفض النقاد الأوائل مثل كلايف هاملتون هندسة الأرض على أساس انها "تتدخل في صنع الخالق" - وهو اعتراض لا يقنع أولئك الذين لا يعتقدون بإن هناك قوة الهية تضمن مصير الكوكب. ربما تنص نسخة أكثر علمانية من الاعتراض على أنه يجب علينا ترك الطبيعة وشأنها، لكن تلك المعركة قد خسرناها قبل عقود عديدة فنحن البشر قد سحقنا الطبيعة بالفعل لدرجة أن العديد من العلماء يعتقدون أننا الآن في حقبة جيولوجية جديدة: الأنثروبوسين.
أما اليوم فلقد عادت هندسة الأرض الى المشهد، ففي عام 2020 وجه الكونجرس الأمريكي الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي لتطوير مبادرة بحثية تمتد لعدة سنوات وهذه المبادرة تهدف للتحقق من الأنشطة الطبيعية والبشرية التي قد تغير انعكاس طبقة الستراتوسفير وكيف يمكن أن تؤثر هذه الأنشطة على كوكبنا ،وفي عام 2020 بدأت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي تقديم التمويل لمثل هذه المشاريع، وفي الوقت نفسه أوصت الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب بإنفاق 200 مليون دولار على برنامج بحثي للتحقق من وجود طريقة آمنة لتبريد الكوكب.
عندما كتب كالديرا وكيث عن هندسة المناخ، تمت مناقشة العديد من المقاربات مثل إضافة الحديد القابل للذوبان في المحيط لزيادة نمو العوالق النباتية، والتي من شأنها امتصاص وتخزين ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. لكن فشلت الأبحاث في التحقق من صحة هذه المقاربة علمًا أن الأبحاث الحالية تركّز على تعديل الإشعاع الشمسي والمعروف أيضًا باسم إدارة الإشعاع الشمسي، والذي يهدف إلى عكس جزء صغير من الإشعاع الشمسي الذي يسخن سطح الأرض.
لقد أدى ثوران بركان جبل بيناتوبو في عام 1991 إلى ضخ 15 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت في طبقة الستراتوسفير حيث امتزجت بالماء لتشكل طبقة من الجسيمات تعرف باسم الهباء الجوي. لقد قللت تلك الطبقة من كمية الإشعاع الشمسي التي تصل لسطح الأرض مما أدى إلى خفض متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار 0.6 درجة مئوية على مدار الخمسة عشر شهرًا التي تلت ذلك التاريخ حيث دفعت هذه الملاحظة بعض العلماء إلى التساؤل عما إذا كان بإمكاننا إحداث تأثير مماثل من خلال إطلاق الهباء عن عمد في طبقة الستراتوسفير - الأداة الأكثر تفضيلاً من قبل أولئك الذين يرغبون في معرفة المزيد حول كيفية تقليل الإشعاع الشمسي.
لا يوجد شخص يتمتع بالمسؤولية يمكنه أن يدعي أننا مستعدون لتجربة شيء من هذا القبيل الآن لذا فإن الجدل الحقيقي يدور حول ما إذا كان يجب اتخاذ خطوة مسبقة، أي إجراء بحث قد يجعل تعديل الاشعاع الشمسي ممكنًا في نهاية المطاف.
Secure your copy of PS Quarterly: The Year Ahead 2025
The newest issue of our magazine, PS Quarterly: The Year Ahead 2025, is almost here. To gain digital access to all of the magazine’s content, and receive your print copy, upgrade to PS Digital Plus now at a special discounted rate.
Subscribe Now
توجد هناك رسالتان مفتوحتان تعطي إجابتين متعارضتين، ففي يناير 2022 أصدرت مجموعة من العلماء رسالة موجهة إلى الحكومات والأمم المتحدة تدعو فيها إلى اتفاقية دولية لعدم استخدام هندسة الأرض الشمسية. إن تلك الرسالة والتي وقعها أكثر من 400 أكاديمي من أكثر من 60 دولة تحدد ثلاثة مخاوف رئيسية.
أولاً، نحن غير قادرين على أن نفهم بشكل كامل المخاطر التي تنطوي عليها هندسة الأرض وذلك نظرًا لتعقيدات أنماط الطقس العالمية والإقليمية. ثانيًا، إن إضفاء المصداقية على فكرة أن هندسة الأرض قد تنقذنا من الاحتباس الحراري الكارثي سيضعف عزمنا وتصميمنا على معالجة السبب الرئيسي لتغير المناخ وذلك من خلال الوصول الى صافي صفر انبعاثات غاز الاحتباس الحراري. ثالثًا، نحن نفتقر إلى أي نظام للحوكمة العالمية له سلطة التحكم في استخدام هندسة الأرض بطريقة عادلة وشاملة وفعالة.
لقد تم نشر رسالة مفتوحة أخرى في فبراير تدعو إلى "البحث المتوازن". يعتقد الموقعون على تلك الرسالة وهم أيضًا من العلماء والأكاديميين بإنه يجب علينا معالجة السبب الرئيسي للاحتباس الحراري وذلك من خلال خفض انبعاثاتنا وإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي ويقرون بإن تعديل الاشعاع الشمسي ينطوي على مخاطر بيئية، ولكن مهما يكن من أمر وفي حالة انهم اضطروا للاختيار بين الرفض الصريح للتحقق من تعديل الاشعاع الشمسي و "البحث الشامل والنقدي"، فإنهم يفضلون الخيار الثاني.
قبل عشر سنوات، لم أكن لأوقع على الدعوة لإجراء بحث في هندسة الأرض ولكني وقعت على الرسالة الثانية. لقد غيرت وجهة نظري لأننا اليوم في وضع يائس أكثر مما كنا عليه قبل عقد من الزمان. يحدث تغير المناخ بسرعة أكبر مما كان متوقعًا في السابق، مع تحطيم الأرقام القياسية المتعلقة بدرجات الحرارة ووقوع المزيد من موجات الجفاف والفيضانات والعواصف الشديدة، وعلى الرغم من هذه الاشارات التحذيرية القوية، فإن عددًا قليلاً من البلدان يسير على الطريق الصحيح لإجراء تخفيضات الانبعاثات اللازمة لإبقاء الاحتباس الحراري أقل من 1.5 درجة مئوية أو حتى درجتين مئويتين.
صحيح كما تنص الرسالة التي تعارض أي استخدام لهندسة الأرض أننا قد لا نتيقن على الاطلاق من مخاطر تعديل الاشعاع الشمسي، ولكننا أيضًا بعيدون جدًا عن اليقين بشأن التأثير النهائي لغازات الاحتباس الحراري والتي قمنا بالفعل بضخها في الغلاف الجوي وتلك التي سنستمر في بثها. توجد هناك مخاطر في كلتا الحالتين، وليس لدينا حاليًا أي فكرة عما إذا كانت مخاطر محاولة تعديل الاشعاع الشمسي تفوق مخاطر عدم المحاولة حيث سيكون من الحكمة أن نحاول معرفة الجواب.
To have unlimited access to our content including in-depth commentaries, book reviews, exclusive interviews, PS OnPoint and PS The Big Picture, please subscribe
Geopolitical turmoil must not be allowed to distract global decision-makers from the urgent imperative of tackling climate change. There is no excuse for letting COP29 conclude without delivering ambitious, credible financing commitments to support climate action – including the clean-energy transition – in developing economies.
hopes that geopolitical uncertainty will not thwart ambitious, credible climate-finance commitments.
Nicholas Agar
urges us not to put too much stock in Musk-style “Mars-shots,” describes how the humanities needs to evolve in our time of disorienting change, suggests that humanists might soon get bored with artificial intelligence, and more.
ملبورن ـ مع ارتفاع درجة حرارة مناخ كوكبنا، تزداد كذلك حدة النقاش حول الاستجابة الأكثر جرأة للتعامل معه: هندسة الأرض، أو التعديل المتعمد للغلاف الجوي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. عندما نشر كين كالديرا وديفيد كيث في سنة 2010 "الحاجة إلى أبحاث هندسة المناخ"، لم تكن هندسة الأرض تحظى بأي دعم يذكر ولكن هذا الوضع تغير الآن.
رفض النقاد الأوائل مثل كلايف هاملتون هندسة الأرض على أساس انها "تتدخل في صنع الخالق" - وهو اعتراض لا يقنع أولئك الذين لا يعتقدون بإن هناك قوة الهية تضمن مصير الكوكب. ربما تنص نسخة أكثر علمانية من الاعتراض على أنه يجب علينا ترك الطبيعة وشأنها، لكن تلك المعركة قد خسرناها قبل عقود عديدة فنحن البشر قد سحقنا الطبيعة بالفعل لدرجة أن العديد من العلماء يعتقدون أننا الآن في حقبة جيولوجية جديدة: الأنثروبوسين.
أما اليوم فلقد عادت هندسة الأرض الى المشهد، ففي عام 2020 وجه الكونجرس الأمريكي الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي لتطوير مبادرة بحثية تمتد لعدة سنوات وهذه المبادرة تهدف للتحقق من الأنشطة الطبيعية والبشرية التي قد تغير انعكاس طبقة الستراتوسفير وكيف يمكن أن تؤثر هذه الأنشطة على كوكبنا ،وفي عام 2020 بدأت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي تقديم التمويل لمثل هذه المشاريع، وفي الوقت نفسه أوصت الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب بإنفاق 200 مليون دولار على برنامج بحثي للتحقق من وجود طريقة آمنة لتبريد الكوكب.
عندما كتب كالديرا وكيث عن هندسة المناخ، تمت مناقشة العديد من المقاربات مثل إضافة الحديد القابل للذوبان في المحيط لزيادة نمو العوالق النباتية، والتي من شأنها امتصاص وتخزين ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. لكن فشلت الأبحاث في التحقق من صحة هذه المقاربة علمًا أن الأبحاث الحالية تركّز على تعديل الإشعاع الشمسي والمعروف أيضًا باسم إدارة الإشعاع الشمسي، والذي يهدف إلى عكس جزء صغير من الإشعاع الشمسي الذي يسخن سطح الأرض.
لقد أدى ثوران بركان جبل بيناتوبو في عام 1991 إلى ضخ 15 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت في طبقة الستراتوسفير حيث امتزجت بالماء لتشكل طبقة من الجسيمات تعرف باسم الهباء الجوي. لقد قللت تلك الطبقة من كمية الإشعاع الشمسي التي تصل لسطح الأرض مما أدى إلى خفض متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار 0.6 درجة مئوية على مدار الخمسة عشر شهرًا التي تلت ذلك التاريخ حيث دفعت هذه الملاحظة بعض العلماء إلى التساؤل عما إذا كان بإمكاننا إحداث تأثير مماثل من خلال إطلاق الهباء عن عمد في طبقة الستراتوسفير - الأداة الأكثر تفضيلاً من قبل أولئك الذين يرغبون في معرفة المزيد حول كيفية تقليل الإشعاع الشمسي.
لا يوجد شخص يتمتع بالمسؤولية يمكنه أن يدعي أننا مستعدون لتجربة شيء من هذا القبيل الآن لذا فإن الجدل الحقيقي يدور حول ما إذا كان يجب اتخاذ خطوة مسبقة، أي إجراء بحث قد يجعل تعديل الاشعاع الشمسي ممكنًا في نهاية المطاف.
Secure your copy of PS Quarterly: The Year Ahead 2025
The newest issue of our magazine, PS Quarterly: The Year Ahead 2025, is almost here. To gain digital access to all of the magazine’s content, and receive your print copy, upgrade to PS Digital Plus now at a special discounted rate.
Subscribe Now
توجد هناك رسالتان مفتوحتان تعطي إجابتين متعارضتين، ففي يناير 2022 أصدرت مجموعة من العلماء رسالة موجهة إلى الحكومات والأمم المتحدة تدعو فيها إلى اتفاقية دولية لعدم استخدام هندسة الأرض الشمسية. إن تلك الرسالة والتي وقعها أكثر من 400 أكاديمي من أكثر من 60 دولة تحدد ثلاثة مخاوف رئيسية.
أولاً، نحن غير قادرين على أن نفهم بشكل كامل المخاطر التي تنطوي عليها هندسة الأرض وذلك نظرًا لتعقيدات أنماط الطقس العالمية والإقليمية. ثانيًا، إن إضفاء المصداقية على فكرة أن هندسة الأرض قد تنقذنا من الاحتباس الحراري الكارثي سيضعف عزمنا وتصميمنا على معالجة السبب الرئيسي لتغير المناخ وذلك من خلال الوصول الى صافي صفر انبعاثات غاز الاحتباس الحراري. ثالثًا، نحن نفتقر إلى أي نظام للحوكمة العالمية له سلطة التحكم في استخدام هندسة الأرض بطريقة عادلة وشاملة وفعالة.
لقد تم نشر رسالة مفتوحة أخرى في فبراير تدعو إلى "البحث المتوازن". يعتقد الموقعون على تلك الرسالة وهم أيضًا من العلماء والأكاديميين بإنه يجب علينا معالجة السبب الرئيسي للاحتباس الحراري وذلك من خلال خفض انبعاثاتنا وإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي ويقرون بإن تعديل الاشعاع الشمسي ينطوي على مخاطر بيئية، ولكن مهما يكن من أمر وفي حالة انهم اضطروا للاختيار بين الرفض الصريح للتحقق من تعديل الاشعاع الشمسي و "البحث الشامل والنقدي"، فإنهم يفضلون الخيار الثاني.
قبل عشر سنوات، لم أكن لأوقع على الدعوة لإجراء بحث في هندسة الأرض ولكني وقعت على الرسالة الثانية. لقد غيرت وجهة نظري لأننا اليوم في وضع يائس أكثر مما كنا عليه قبل عقد من الزمان. يحدث تغير المناخ بسرعة أكبر مما كان متوقعًا في السابق، مع تحطيم الأرقام القياسية المتعلقة بدرجات الحرارة ووقوع المزيد من موجات الجفاف والفيضانات والعواصف الشديدة، وعلى الرغم من هذه الاشارات التحذيرية القوية، فإن عددًا قليلاً من البلدان يسير على الطريق الصحيح لإجراء تخفيضات الانبعاثات اللازمة لإبقاء الاحتباس الحراري أقل من 1.5 درجة مئوية أو حتى درجتين مئويتين.
صحيح كما تنص الرسالة التي تعارض أي استخدام لهندسة الأرض أننا قد لا نتيقن على الاطلاق من مخاطر تعديل الاشعاع الشمسي، ولكننا أيضًا بعيدون جدًا عن اليقين بشأن التأثير النهائي لغازات الاحتباس الحراري والتي قمنا بالفعل بضخها في الغلاف الجوي وتلك التي سنستمر في بثها. توجد هناك مخاطر في كلتا الحالتين، وليس لدينا حاليًا أي فكرة عما إذا كانت مخاطر محاولة تعديل الاشعاع الشمسي تفوق مخاطر عدم المحاولة حيث سيكون من الحكمة أن نحاول معرفة الجواب.