53cb960246f86f88083f150b_pa4075c.jpg

لماذا المساعدات التنموية غير كافية

اوسلو ان الفقر لا يعني فقط عدم امتلاك اموال كافية فهو يعني ايضا الاستغلال والقمع والصراعات المسلحة والحروب والتي تجعل من المستحيل على الانسان ان يدير نشاطا تجاريا او ان يزور طبيبا او ان يرسل اطفاله الى المدرسة وباختصار فإن الفقر يعني السياسة والحاجة الى صياغة حلول سياسية لإسبابه الكامنة وهذا لا يقتصر فقط على توفير الاموال .

لقد تغير العالم بشكل كبير منذ سنة 2000 عندما قام المجتمع الدولي بتبني اعلان الالفية واهداف التنمية للالفية . لقد كان هناك تحول كبير في القوة الجيوسياسية حيث ان بلاد كانت تعتبر في السابق فقيرة لدرجة تلقيها للمساعدات أصبحت من الدول الصاعدة المحركة للاقتصاد العالمي . لقد انتقلت القوة على الساحة السياسية الدولية حيث ادت الازمة المالية الى تحفيز صعود مجموعة العشرين .

لو ان المعركة ضد الفقر مبنية على أساس النمو التقليدي الذي يعتمد بشكل مكثف على الكربون فإن عواقب ذلك على المناخ ستكون مدمرة حتى لو تخلصت الاجزاء الاغنى في العالم من جميع انبعاثاتها اليوم. ان النتيجة ستكون فيضانات وجفاف وانخفاض دراماتيكي في الانتاج الغذائي وخسارة كبيرة لتنوعنا البيولوجي الثمين. ان من الواضح ان كل هذا سوف يقود الى زيادة دراماتيكية في الفقر في العالم ولكن كما هي العادة فإن الدول الافقر سوف تكون الاكثر تضررا.

لكن عدم مكافحة الفقر هو خيار اسوأ . ان عدم اتاحة الفرصة للناس للحصول على الطاقة يعني اننا لا ننكر على بليون شخص احتياجاتهم وحقوقهم فحسب بل ايضا انه سوف يتم قطع المزيد من الاخشاب من اجل الحطب مما ينتج عنه من ازالة للغابات والتصحر.

ان التزام الدول الغنية بمكافحة الفقر عالميا كان دائما مبني على اساس العدالة والبعد الاخلاقي لكن من خلال خبرتنا خلال العقد الاول من القرن الواحد والعشرين عرفنا ان مكافحة الفقر هي ضرورية ايضا من اجل مستقبل آمن.

انا بحكم عملي كوزير البيئة والتنمية في النرويج منذ سنة 2007 التقي بالوزراء من الدول الاخرى الذين يتولون هاتين الحقيبتين الوزاريتين ولقد شعرت بالصدمة عندما رأيت ان المجموعتين منفصلتين تماما فكل مجموعة لديها خطة عمل مهمة خاصة بها وتحليلها الخاص للتحديات المستقبلية وخططها الاستراتيجية وخطابها الخاص بها . بينما تقر كل مجموعة بإهمية برنامج عمل المجموعة الاخرى فإنه ما لم تتصرف المجموعتان معا وتتحدث كل مجموعة الى الاخرى فإن أي من اهداف المجموعتينلن يتحقق .

Winter Sale: Save 40% on a new PS subscription
PS_Sales_Winter_1333x1000 AI

Winter Sale: Save 40% on a new PS subscription

At a time of escalating global turmoil, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided.

Subscribe to Digital or Digital Plus now to secure your discount.

Subscribe Now

ان مفاوضات المناخ العالمي- هي الان اهم منتدى عالمي حيث يجتمع خبراء التنمية والبيئة واصحاب القرار- قد اثبتت ان حقبة الهيمنة الغربية على العالم قد انقضت فما يطلق عليه العالم النامي يحتوي على شيء نريده نحن وهو الغابات المطيرة غير المستخدمة والتي تعتبر حيوية من اجل بقاءنا في المستقبل.

ان بإمكان هذه البلدان اختيار طريق تكنولوجي آخر للوصول الى النمو يكون مبني على اساس استراتيجيات الاستخدام المنخفض للكربون والمبادىء البيئية . ان هذا الطريق هو الطريق الذي نحن بإمس الحاجة ان تقوم تلك البلدان باختياره ولكن هذا الطريق يعني ايضا قوة تفاوضية اكبر للدول الافقر مقارنة بما شاهدناه بالماضي. سوف يشكل ذلك تحديا صعبا وان يكن صحيا لمستقبلنا المشترك.

ان المبالغ التي نحتاجها للتنمية وحفظ السلام والتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من حدته سوف تكون ضخمة ولقد كنا نجادل منذ سنوات فيما يتعلق بالمستوى المناسب للمساعدات . لكن بالرغم من اهمية المساعدات فإن التمويل العام من الدول المتقدمة لا يمكن ان يكون كافيا حتى لو قمنا بالالتزام بجميع تعهداتنا المتعلقة بالالتزامات المالية.

لقد اصبح التمويل المبتكر الكلمة السحرية الجديدة خلال العقد الماضي وليس فقط بالنسبة للتنمية حيث انه كجزء من المفاوضات المتعلقة بالمناخ ، تم اقتراح آليات جديدة لجمع الاموال من اهمها فرض رسوم على الطيران وضرائب على المعاملات المالية . ان الابتكار الكبير ضمن هذه الخطط التمويلية هو ان الناس الاغنى سوف يدفعون بغض النظر عن الوضع الاقتصادي لبلدانهم.

لكن اهم التدفقات المالية هي الاموال غير الشرعية التي تخرج من العديد من البلدان النامية حيث تقدر شبكة العدالة الضريبية انها حوالي عشر اضعاف المساعدات التنموية التي تتلقاها تلك البلدان. ان الكثير من تلك الاموال يأتي من المعاملات المالية عبر الحدود المرتبطة بنشاطات غير شرعية حيث تشكل الارباح التي تأتي من الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والاسلحة والبشر نسبة كبيرة من تلك الاموال وبينما تختفي مبالغ ضخمة من خلال الاحتيال والفساد والرشوة والتهريب وغسيل الاموال ، فإن الحصة الاكبر للتدفقات المالية غير الشرعية مرتبطة بالمعاملات المالية  لغايات التهرب الضريبي والتي عادة ما تكون ضمن شركات متعددة الجنسيات.

ان السبب الرئيسي لاستمرارية تلك التدفقات هو الملاذات الضريبية ، لذا فإن مكافحة الفقر العالمي يجب ان ينطوي ايضا على محاربة تلك الملاذات الضريبية . ان تلك الملاذات تجعل الجريمة الاقتصادية اكثر ربحية علما ان الطريقة الوحيدة لمحاربتها هو تبني اتفاقات عالمية تتعلق بالشفافية في التحويلات المالية والتي يجب ان تغطي ايضا الشركات على اساس من بلد الى بلد.

يجب ان نكون حذرين بحيث لا نخدع انفسنا بإن بإمكاننا تحقيق اهداف الالفية للتنمية من خلال المساعدات التنموية فقط . ان السياسات الاشمل المتعلقة بالفقر يجب ان توضع على قمة الاولويات الدولية بالاضافة الى الثلاثة عناصر الاخرى التي تعتبر جوهرية بالنسبة للتنمية وهي المناخ والصراعات ورؤوس الاموال.

https://prosyn.org/uGICon9ar