posnerodede2_Stefano MontesiCorbis via Getty Images_girlsphone Stefano Montesi/Corbis via Getty Images

إطلاق العنان لإمكانيات الفتيات من خلال التكنولوجيا

نيروبي- عندما ظهر كوفيد-19 لأول مرة، وصفه البعض على أنه "عامل هام لتحقيق التكافؤ"، لأن الفيروسات لا تميز على أساس العوامل الاجتماعية والاقتصادية. ولكننا نعلم الآن أن الوباء قد عزز التفاوتات الموجودة مسبقًا وفاقمها، لا سيما تلك التي تضر بالنساء والفتيات. إذ أدت عمليات الإغلاق والقيود الأخرى إلى تعريض الفتيات لدرجة أكبرمن خطر التعرض للعنف، كما أدى إلى حرمانهن من الوصول إلى التعليم، والتنقل، والرعاية الصحية، وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية.

وستستمر هذه المشاكل لسنوات بعد انتهاء الوباء. إذ تفيد تقديرات صندوق "ملالا" أن حوالي 20 مليون فتاة قد لا يَعُدن للفصول الدراسية أبدًا. وستتزوج الكثيرات منهن في سن أصغر مما كن يتوقعن، وسيكون لذلك تداعيات تؤثر مدى الحياة على استقلالهن، وفرصهن، ومكاسبهن المحتملة. وفضلا عن ذلك، خَلُص صندوق الأمم المتحدة للسكان أن ما يقرب من 12 مليون امرأة وفتاة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، لم يكن بإمكانهن الحصول على موانع الحمل خلال العام الماضي، مما أدى إلى وقوع 1.4 مليون حالة حمل إضافية غير مقصودة.

وكانت النساء والفتيات في وضع ضعيف قبل انتشار الوباء، لكن يتعين عليهن الآن أن يناضلن بقوة أكبر من أي وقت مضى من أجل مستقبلهن. ومع ذلك، على الرغم من مليارات الدولارات التي استُثمرت على مدى العقد الماضي في التعليم، وعيادات الصحة الجنسية، وغيرها من الموارد الخاصة بالفتيات، إلا أن هذه الخدمات لا تُستخدم بصورة كافية حتى عندما تكون مجانية. إذ لا تزال الفتيات يواجهن عوائق خارجية شديدة تحول دون وصولهن إلى تلك الخدمات. وتتمثل في معايير النوع الاجتماعي والمعلومات المغلوطة، فضلاً عن تدني الثقة بالنفس، مما يمنع الكثيرات من العمل على تحسين حياتهن.

ويجب ألا ندع الوباء يعيد عقارب الساعة إلى الوراء فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين. إذ على الرغم من أن هناك 17 هدفًا للتنمية المستدامة، فإن التقدم في الهدف المتعلق بالنوع الاجتماعي (الهدف 5) سيمكن من تحقيق عشرة أهداف أخرى ضرورية لتحقيق الانتعاش. ونحن في فترة حاسمة بالنسبة لتمكين النساء والفتيات. إذ مع اعتماد تكنولوجيا الاتصالات الرقمية على نطاق واسع، يمكننا الوصول إلى الفتيات عبر الإنترنت حيث يقضين الكثير من أوقاتهن. وتخبرنا الفتيات اللواتي نعمل معهن أن الهواتف المحمولة تصبح شريان حياة للمعلومات، والاتصال البشري، والدعم، عندما يؤمَر الناس بالبقاء في المنزل.

ولا يخلو هذا الإقبال على التكنولوجيا من القيود. ففي العديد من بلدان الجنوب العالمي، تحمل التكنولوجيا وصمة عار جنسانية (فقط "الفتيات السيئات يستخدمن الهواتف المحمولة"). ومع ذلك، وجدت الفتيات طرقًا للاتصال بالإنترنت، مثل استعارة الهواتف من الأصدقاء، أو شراء أجهزة خاصة بهن سراً.

وتسمح التكنولوجيا المعاصرة منظمة "غيرل إفيكت" بالتحدث إلى الفتيات على انفراد حول تطلعاتهن والعقبات التي يواجهنها. وتفتح أجهزة الجوّال قنوات تقدم للفتيات ما لا يمكنهن الحصول عليه في أي مكان آخر من إجابات حول الجنس الآمن، والعلاقات، والرعاية الصحية والتغذية. وهي تعطينا رؤى وملاحظات مباشرة لتحسين وصولنا إلى الفتيات. وخلال الوباء، استخدمت سفيراتنا من الفتيات الممكّنات تكنولوجيًا (نساء تتراوح أعمارهن بين 18 و24 عامًا في البلدان التي نعمل فيها)، الهواتف المحمولة لتزويدنا برؤى أساسية ومتعمقة حول التجارب التي تعيشها الفتيات وكيف يمكن تحسينها.

Secure your copy of PS Quarterly: The Climate Crucible
PS_Quarterly_Q3-24_1333x1000_No-Text

Secure your copy of PS Quarterly: The Climate Crucible

The newest issue of our magazine, PS Quarterly: The Climate Crucible, is here. To gain digital access to all of the magazine’s content, and receive your print copy, subscribe to PS Premium now.

Subscribe Now

ومنذ عام 2018، عملت "غيرل إفيكت" مع مؤسسة (فودافون) للتواصل مع أكثر من عشرة ملايين فتاة في سبعة بلدان. وعندما نتمكن من الوصول إلى الفتيات مباشرة، يمكننا مساعدتهن في التغلب على كل من الحواجز الخارجية والداخلية للوصول إلى الخدمات المتاحة لهن. ومن خلال المحتوى الذي يركز على الفتيات والمتوفر على (يوتوب)، و(إنستاغرام)، و(واتساب)، و(إس غم إس)، يمكننا مساعدتهن على فهم هذه الخدمات، مع تحفيزهن أيضًا على اتخاذ إجراءات من تلقاء انفسهن.

وغالبًا ما تثبط وصمة العار والمخاوف المتعلقة بالخصوصية الفتيات في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل عن الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية. ولكن في جنوب إفريقيا، قمنا بتطوير روبوت محادثة مدعوم بالذكاء الاصطناعي أطلق عليه اسم (الأخت الكبرى)، للإجابة، على الفور وَبسرية، على أسئلة الفتيات حول الجنس والعلاقات. وبفضل إرسال أكثر من مليون رسالة حتى الآن، فإننا نبني الثقة ونوجه الفتيات إلى عيادات (ماري ستوبس) بجنوب إفريقيا عند الحاجة إلى ذلك.

ويظهر روبوت "الأخت الكبرى الرقمية" كيف يمكن لابتكار واحد فقط على منصة تقنية موجودة أن يحسن التعليم الرقمي، ويوسع نطاق الوصول إلى الخدمات المادية في نفس الوقت. فبمجرد إنشاء البنية التحتية لهذه التقنيات، يمكن تعزيز هذه الأخيرة إلى حد كبير من خلال إدخال لغات جديدة.

كذلك، في الهند، استخدمنا وسائل التواصل الاجتماعي لمعالجة تردد الأمهات الشابات بشأن أخذ اللقاحات. وتعرض حملتنا "بوينت تو هاي" (بالشراكة مع "غافي" والتحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع، و"فيسبوك" مقاطع فيديو لمشهد راب يجمع بين أم شابة (مينال) وحماتها، ومحادثة عبر "واتساب" بين مينال وأصدقائها. ويعالج كلا المشهدين المسرحيين المعلومات المضللة حول اللقاحات بصورة مباشرة، ولكن بطريقة جذلة وذات صلة بالموضوع. ومنذ انطلاقنا العام الماضي، وصلنا بالفعل إلى أكثر من سبعة ملايين شابة وأم في الحزام الهندي، وقدمنا معلومات أساسية بشأن التطعيم في وقت حرج.

ويكمن جمال هذه البرامج في أنها لا تتطلب أي تقنية جديدة لامعة لتحقيق النجاح. والهدف هو الابتكار باستخدام التقنيات التي تمتلكها الفتيات بالفعل (وحزمة البيانات التي تستطيع أسرهن دفع تكلفتها).

لقد زاد الوباء من الحاجة الملحة لاستخدام التكنولوجيا المعاصرة للوصول إلى الفتيات مباشرة. وبين لنا أن الأدوات الرقمية هي أفضل طريقة للقيام بذلك بفعالية وعلى نطاق واسع. وتتمثل إحدى أكبر المشكلات الآن في عدم وجود ما يكفي من المحتوى المصمم حصريًا للفتيات على الإنترنت، كما لا توجد إشارات رقمية لإرشادهن إلى الأدوات والخدمات المتاحة.

لهذا السبب يجب أن نستثمر ونظهر على المنصات الرقمية التي تعرفها الفتيات، وتثق بها، وتستخدمها بالفعل. فنحن نعلم أنه إذا وصلنا إلى عدد كافٍ من الفتيات على نطاق واسع، يمكننا تشجيعهن على تغيير سلوكياتهن، وحماية صحتهن، ورفاهيتهن كلما أمكن ذلك. وإذا بدأ عدد كافٍ من الفتيات في التصرف بناءً على شعورهن الجديد بالتمكين، فلن يكون أمام بقية المجتمع خيار سوى تغيير الطريقة التي يُنظر بها إلى الفتيات عامة. ويمكن أن يكون الوباء لحظة تبدأ فيها المزيد من الفتيات في إطلاق العنان لإمكانياتهن الحقيقية. وهذه فرصة يجب ألا نفوتها.

ترجمة: نعيمة أبروش   Translated by Naaima Abarouch

https://prosyn.org/8adMhBKar