krueger75_Kent NishimuraGetty Images_israelprotest Kent Nishimura/Getty Images

سحب الاستثمارات من إسرائيل لن يجلب السلام

واشنطن، العاصمة ـلقد أدى الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر الى موجة كبيرة من التعاطف مع الشعب الاسرائيلي وخاصة نظرًا لتاريخ الاضطهاد الذي تعرض له اليهود والذي بلغ ذروته في المحرقة. لكن محنة المدنيين في غزة منذ الهجوم مروعة أيضًا، ويتعين على الجانبين دعم الوقف الفوري للأعمال العدائية، تليها جهود حسنة النية لمعالجة القضايا الكامنة.

لن تتحقق هذه النتيجة من خلال سحب الجامعات لاستثماراتها من إسرائيل ــ وهو المطلب الرئيسي للاحتجاجات الطلابية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، وبدلاً من ذلك فإن سحب الاستثمارات من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض كبير في عائدات الوقف والتي تنفقها الجامعات على المساعدات المالية والأنشطة البحثية، وعلى نفس القدر من الأهمية، فإن سحب الاستثمارات من شأنه أن يقوض سبب وجود الجامعة: البحث عن الحقيقة، وفي حين يمكن للموظفين والطلاب تبني مواقف سياسية والتظاهر سلميًا، ينبغي للجامعات أن تظل غير سياسية.

 لو تمكن الطلاب من اقناع الجامعات بسحب استثماراتها من إسرائيل، فإن الطلاب المحتجين كانوا ليتسببوا بلا شك في إلحاق الضرر بالمؤسسات التي تعلمهم بدلاً من تعزيز قضيتهم. تتيح الجامعات إمكانية اجراء نقاشات حول القضايا الخلافية، ولكن القيام بذلك يتطلب الحياد المؤسسي، وكان من شأن الوقوف إلى جانب المتظاهرين أن يحد من حرية التعبير في الحرم الجامعي.

علاوة على ذلك، فإن التكلفة المالية ستكون مرتفعة حيث يتكون الوقف الجامعي من أموال وفيرة، غالبًا ما يتم تخصيصها من قبل الجهات المانحة لأغراض محددة، بما في ذلك المنح الدراسية، وتمويل البحوث، والمرافق الرياضية، وغيرها الكثير. وتغطي أرباح الوقف أيضًا جزءًا من تكلفة التعليم في العديد من الكليات والجامعات، مما يؤدي إلى انخفاض السعر المعلن لتكاليف الجامعة. على سبيل المثال، لم تتقاضى جامعة رايس الرسوم الدراسية لعقود من الزمن، حيث كانت إيرادات وقفها تغطي التكلفة التعليمية الكاملة لكل طالب، وفي عام 2022، خصصت الكليات والجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية، التي تمتد مدة الدراسة فيها لأربع سنوات، حوالي 50% من دخل وقفها للمساعدات المالية، ولكن بمجرد إدخال المعايير السياسية في قرارات الاستثمار، قد يصبح المانحون المحتملون حذرين بشأن الهدايا المستقبلية.

ومن نواحٍ عديدة، سيكون قرار سحب الاستثمارات من إسرائيل غير عملي بالنسبة لمديري الوقف، المكلفين بالحفاظ على قيمة الصندوق وضمان الاستقرار المالي. غالبًا ما تكون هناك قوانين اتحادية وقوانين خاصة بالولاية ضد مقاطعة الدول الصديقة للولايات المتحدة الأمريكية. علاوة على ذلك عادة ما يستخدم المدراء مؤشرات أسهم مثل MSCI All Country World Inex وS&P 500 كمقاييس استثمارية علمًا أن المؤشر الأول يمتلك 0.25% من أسهمه في شركات مقرها في إسرائيل، والثاني لا يمتلك أي أسهم فيها، مما يشير إلى أن المحافظ المؤسسية لديها الحد الأدنى من التعرض للشركات الإسرائيلية.

إن من الأسباب المهمة التي تجعل سحب الاستثمارات مكلفًا، حتى وإن أمكن ذلك، هو أن الوقف يخصص الأموال على نحو متزايد للمدراء الخارجيين الذين يخلطون أصول العملاء المختلفين. وسوف تحتاج الجامعات إلى بيع كافة حصصها في صناديق مختلطة من أجل سحب الاستثمارات من الأسهم المستهدفة، وعزل تلك المكونات المقيدة ضمن الوقف التي لا يمكن بيعها. وسوف تحتاج إلى توظيف المزيد من المدراء من أجل الاستثمار فقط في الأوراق المالية التي لا تحتوي على أنشطة مشبوهة، الأمر الذي يعني احتمالية استبعاد الشركات متعددة الجنسيات - بما في ذلك شركات التكنولوجيا - التي لها فروع في إسرائيل.

Winter Sale: Save 40% on a new PS subscription
PS_Sales_Winter_1333x1000 AI

Winter Sale: Save 40% on a new PS subscription

At a time of escalating global turmoil, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided.

Subscribe to Digital or Digital Plus now to secure your discount.

Subscribe Now

إن من شبه المؤكد أن ازالة التعرض لإسرائيل سيؤدي إلى تقليل الموارد للطلاب المستقبليين. وحتى لو لم تكن هناك خسائر في بيع الحصص، فإن تكاليف إدارة الوقف الجامعي سوف ترتفع بشكل كبير، وقد يتم استبعاد بعض الشركات الأسرع نموًا في العالم من محافظها الاستثمارية، وقد يرفض المانحون تقديم المزيد من التبرعات، وعلى افتراض أن إحدى الجامعات التي قررت سحب استثماراتها كانت لديها حصة كبيرة في شركة ذات صلة بإسرائيل، فإن المساهمين الآخرين سيبيعون أسهمهم تحسبا لعمليات البيع مما يؤدي إلى خسائر إضافية.

لطالما كان نظام الجامعات الأمريكية هو الأفضل في العالم حيث إن 16 جامعة من بين أفضل 25 جامعة على مستوى العالم هي جامعات أمريكية وذلك طبقًا لأحدث تصنيفات الجامعات العالمية التي أصدرتها مجلة تايمز للتعليم العالي (لم تصل إلى التصنيف سوى جامعتان صينيتان). ومن المفارقات أن هذا النظام يتعرض للهجوم في نفس الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة على نحو متزايد إلى تعزيز موقفها التنافسي، على المستويين الاقتصادي والعسكري. إن هناك دائمًا مجال لتحسين الأمور، ولكن التخلي عن التزام التعليم العالي بالحوار المفتوح والرغبة في الاستفسار من شأنه أن يضعف أحد الأصول الوطنية المهمة في الوقت الذي ينبغي علينا أن ندعمه.

يتعين على الطلاب الذين يريدون المساعدة في إنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس أن يدركوا أن سحب الاستثمارات ليس هو السبيل للقيام بذلك. وفي الواقع، فإن الحفاظ على الجامعات الأمريكية وتعزيزها من الممكن أن يساهم بشكل غير مباشر في التوصل إلى حل سياسي دائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني من خلال تثقيف الشباب وتمكينهم من تحقيق أهدافهم، ولذلك يجب أن يكون الدعم العام والخاص لمواصلة التميز وزيادة المساعدات المالية في التعليم العالي على قمة الأجندة. وفي هذا السياق، ليس من المنطقي إضعاف أحد مصادر القوة الأميركية من أجل سياسة لا يمكن أن تؤثر على نتيجة الحرب.

https://prosyn.org/L7LAwupar