pisaniferry126_monsitjGetty Images_worldmap monsitj/Getty Images

غـزو السياسة الجغرافية للاقتصاد

باريس ــ من مسألة هواوي إلى خلاف أوكوس وما بعده، ينشأ واقع جديد يزعزع أركان الاقتصاد العالمي: استيلاء السياسة الجغرافية، العدائي عادة، على الاقتصاد الدولي. ربما تكون هذه العملية في بدايتها، ويكمن التحدي الآن في تعلم كيفية التعايش معها.

بطبيعة الحال، لم يكن الاقتصاد والسياسة الجغرافية مجالين منفصلين تماما قَـط. تولى أهل الاقتصاد تصميم النظام الاقتصادي الليبرالي بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن على أساس خطة رئيسية وضعها خبراء في استراتيجيات السياسة الخارجية. كان صناع السياسات في الولايات المتحدة بعد الحرب يعرفون ماذا يريدون: ما أسماه تقرير صادر عن مجلس الأمن القومي عام 1950 "بيئة عالمية يعيش فيها النظام الأميركي ويزدهر". من منظورهم، كان ازدهار العالم الحر هو القناة (الناجحة في نهاية المطاف) الكفيلة باحتواء وربما هزيمة الشيوعية السوفييتية، وكان النظام الليبرالي هو القناة الناقلة لذلك الازدهار.

ولكن برغم أن الهدف النهائي كان جيوسياسيا، فقد تشكلت العلاقات الاقتصادية الدولية لمدة سبعين عاما وفقا لقواعد من ابتكارها. في بعض الأحيان، تسببت السياسة الجغرافية في انحراف قرارات ملموسة: من منظور الولايات المتحدة، لم يكن توفير المساعدة المالية من قِـبَـل صندوق النقد الدولي للمكسيك مساويا قَـط لتقديمها إلى إندونيسيا. غير أن المبادئ التي تحكم التجارة أو سياسة أسعار الصرف كانت اقتصادية بحتة.

https://prosyn.org/6WNBGBlar