ramberg19_JUNG YEON-JEAFP via Getty Images_north korea nuclear Jung Yeon-je/AFP via Getty Images

هل يمكن تحقيق السلام النووي مع كوريا الشمالية؟

لوس أنجلوس – أثارعرض كوريا الشمالية العسكرية الأخيرة للصواريخ الباليستية الجديدة العابرة للقارات التي تُطلق من الغواصات مخاوف جديدة بشأن المخاطر التي يشكلها النظام في بيونغ يانغ على البر الرئيسي للولايات المتحدة. وبينما استعرضت إدارة الرئيس جو بايدن سياسة الولايات المتحدة في التعامل مع جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية على مدى السنوات الأربع الماضية واستفادت من  الدروس التي يمكن استخلاصها من مؤتمر القمة النووي الذي عقده دونالد ترامب مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، عليها التفكير في تبني نهج جديد للحد من التسلح النووي.

لا ينبغي أن يُفاجأ المرء بجهود ترامب الفاشلة. في الواقع، لقد باءت خطط الإدارات الأمريكية السابقة الرامية إلى وقف برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية بالفشل - بما في ذلك صفقة "الإطار المتفق عليه" لبيل كلينتون، والمحادثات السداسية خلال إدارة جورج دبليو بوش، واتفاقية عقدها باراك أوباما تقضي بتجميد برنامج كوريا الشمالية النووي. وعلى العكس من ذلك، فقد انسحبت كوريا الشمالية من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في عام 2003، وفشلت في الالتزام باتفاقية عام 1992 مع كوريا الجنوبية التي تعهدت بإبقاء شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية.

تُثير هذه الأنشطة الدبلوماسية غير المُجدية سؤالًا حاسمًا: هل سينجح برنامج الحد من الأسلحة النووية في شبه الجزيرة؟

الجواب هو نعم، لكن ليس كما يُمارسُ حاليًا. ينبغي أن يكون من الواضح الآن أن كيم لن يلغي ترسانته النووية، أو يسمح بتجميد برامجه النووية التي يمكن التحقق منها، كما دعا البعض. والسبب بسيط للغاية: كما هو الحال مع جميع الدول المُسلحة نوويًا اليوم، تظل الأسلحة النووية الحماية الأمنية ​​الأساسية للنظام. كما تُوفر القنبلة النووية لكيم نفوذًا على كوريا الجنوبية. يتمثل التحدي الآن في ضمان عدم استخدام كوريا الشمالية لترسانتها النووية على الإطلاق.

سيتطلب تحقيق هذا الهدف مزيجًا من الردع الكلاسيكي والتفكير الدبلوماسي الجديد - على وجه التحديد، تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. تستخدم الولايات المتحدة حاليًا الردع في شبه الجزيرة الكورية من خلال مظلتها النووية الخارجية البحرية والجوية فوق كوريا الجنوبية، في حين يدعم ما يقرب من 30 ألف جندي من القوات البرية والجوية الأمريكية أكثر من ثلاثة ملايين جندي نشط واحتياطي من القوات الكورية الجنوبية.

من الواضح أن الاعتماد على الردع وحده ضد كوريا الشمالية لا يمكن أن يمنع أو يدير الأخطاء المُرتكبة، وذلك لأن عزلة الدولة عن بقية العالم تولد مخاطر هائلة. ستُولد العزلة عن العالم إحساسًا مرضيًا بانعدام الأمن، مما يؤدي إلى سوء الفهم وسوء التقدير. ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن كيم يميل إلى الشعور بالعظمة والمواقف العسكرية واستخدام التنمر.

PS Events: AI Action Summit 2025
AI Event Hero

PS Events: AI Action Summit 2025

Don’t miss our next event, taking place at the AI Action Summit in Paris. Register now, and watch live on February 10 as leading thinkers consider what effective AI governance demands.

Register Now

فقد مهدت العلاقات الدبلوماسية الطبيعية المدعومة بالردع طريقا للسلام النووي في العلاقات الثنائية الأخرى، بما في ذلك العلاقات بين الصين والولايات المتحدة. ومقارنة مع التهديد الذي تمثله كوريا الشمالية اليوم، فقد شكلت الصين في حقبة الحرب الباردة تحت قيادة ماو تسي تونغ تهديدًا أكبر بكثير للمصالح الأمريكية. تدخل ماو في الحرب الكورية ضد الولايات المتحدة، وأثار أزمات مضيق تايوان في وقت لاحق في الخمسينيات من القرن الماضي، وشجع على شن حروب التحرر الوطني ضد القوى الغربية. عندما تولت إدارة الرئيس جون ف. كينيدي السلطة في عام 1961، اعتبرت الصين دولة نووية متصاعدة وقررت اتخاذ إجراءات عسكرية ضدها.

لكن أمريكا لم تستخدم أسلوب القصف، وقد أدى انفتاح ريتشارد نيكسون على الصين لاحقًا وتطبيع العلاقات أثناء رئاسة جيمي كارتر إلى تبديد المخاوف الأمريكية. على الرغم من عدم التوقيع على اتفاقية ثنائية للحد من الأسلحة النووية، فإن ترسانة الصين النووية تظل إلى حد كبير قضية مُنخفضة المستوى في خضم التوترات الصينية الأمريكية الحالية.

وعلى نحو مماثل، أثبتت العلاقات الدبلوماسية الأمريكية مع الاتحاد السوفيتي التي يعود تاريخها إلى الثلاثينيات من القرن الماضي أهميتها في أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962. ومع مضاعفة الولايات المتحدة جهودها العسكرية لإجبار الاتحاد السوفيتي على سحب صواريخه النووية، أثبت التفاعل بين الدبلوماسيين السوفييت في واشنطن والمسؤولين الأمريكيين دوره المحوري في إنهاء المواجهة. وبالمثل، ساعد النفوذ الدبلوماسي للولايات المتحدة على باكستان، وعلاقاتها مع الهند، على إبطاء الزخم نحو الحرب النووية أثناء نزاع كارجيل في عام 1999 وفي أعقاب الهجوم الإرهابي الذي شنته جماعة جيش محمد على البرلمان الهندي في عام 2001.

من المؤكد أن أهمية الأعمال النووية في كوريا الشمالية بالنسبة لبقاء نظام كيم من شأنها أن تحول دون أي جهود لتطبيع العلاقات الدبلوماسية. وهناك أسئلة حول كيفية بناء علاقة دبلوماسية. هل يمكن أو هل ينبغي أن تبدأ العملية بفتح السفارات، على أمل أن يؤدي ذلك إلى بناء الثقة وتمكين البلدين من معالجة القضايا الرئيسية؟ أو هل يمكن للمفاوضين مناقشة التفاصيل بشكل مباشر؟

في كلتا الحالتين، هناك أولويتان بالغتا الأهمية. أولاً، تحتاج كوريا الشمالية إلى التخلص من العقوبات الاقتصادية الدولية، كما يتعين على الولايات المتحدة تقويض قدرة كوريا الشمالية على استخدام الصواريخ الباليستية العابرة للقارات لضربها.

باعتراف كيم نفسه، فقد تركت العقوبات وسوء الإدارة المحلية والكوارث الطبيعية وجائحة كوفيد 19 اقتصاد كوريا الشمالية في حاجة ماسة للإصلاح. بالنسبة للولايات المتحدة، التي تفتقر حاليًا إلى دفاعات فعّالة ضد الصواريخ الباليستية، فإن احتمال التواجد في مرمى الأسلحة النووية لكوريا الشمالية أمر غير مقبول. هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى نوع من التبادل، أي رفع العقوبات مُقابل إزالة الصواريخ الباليستية؟

إن من شأن هذه الاتفاقية أن تترك القوة النووية لكوريا الشمالية دون المساس بها وأن تساعد في إصلاح اقتصاد البلاد وتمنع الولايات المتحدة من شن ضربة نووية استباقية. ويمكنها أيضًا حماية الولايات المتحدة من الهجمات المحتملة بالصواريخ الباليستية الكورية الشمالية العابرة للقارات، وبالتالي تمكين الولايات المتحدة من تلبية الاحتياجات الأمنية لكوريا الجنوبية واليابان بشكل أفضل. ومع إرسال كل من كوريا الشمالية والولايات المتحدة ممثلين دبلوماسيين إلى كل منهما، سيكون لدى كلا الجانبين قنوات موثوقة لمعالجة النزاعات وإدارة العلاقات بشكل عام.

من أجل تحديد ما إذا كان نظام كيم سيكون منفتحًا على مفاوضات جادة، قد تتبنى إدارة بايدن مبدئيًا ما يسمى بدبلوماسية المسار الثاني - حيث يجتمع المُحاورون السابقون للحكومة الأمريكية والمحاورين غير الحكوميين بشكل غير رسمي مع المسؤولين الكوريين الشماليين في دول الطرف الثالث. إذا أثار التواصل الاهتمام في بيونغ يانغ، فسيتم فتح باب المحادثات الرسمية. يتمثل خيار أمريكا الافتراضي في العودة إلى الجهود المُجربة والفاشلة لإقناع كوريا الشمالية بنزع أسلحتها النووية. يكمن التحدي الحقيقي في إقناع القادة في كلا البلدين بأن اتفاقية رفع العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية مُقابل إزالة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الناتجة عن تطبيع العلاقات الدبلوماسية هي أفضل إستراتيجية للمضي قدمًا.

https://prosyn.org/l2GHDdSar