rodrik197_Robert NickelsbergGetty Images_ Robert Nickelsberg/Getty Images

الجانب الآخر من الاستثنائية الأميركية

كمبريدج ــ عندما بدأت التدريس في كلية كينيدي بجامعة هارفارد في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، كانت المنافسة مع اليابان هي الشغل الشاغل للسياسة الاقتصادية الأميركية. وقد حدد اتجاه وروح المناقشة كتاب "اليابان في المرتبة الأولى" للخبير الأول في جامعة هارفارد في شؤون اليابان آنذاك عزرا فوجل.

ما زلت أتذكر الدهشة التي أصابتني في ذلك الوقت إزاء الدرجة التي تلونت بها المناقشة، حتى بين الأكاديميين، بِـحِـس لا ريب فيه باستحقاق أميركا للتفوق الدولي. ما كانت الولايات المتحدة لتسمح لليابان بالهيمنة على أية صناعات أساسية، وكان لزاما عليها أن تستجيب بسياساتها الصناعية والتجارية ــ ليس فقط لأن هذه السياسات قد تساعد الاقتصاد الأميركي، بل وأيضا لأن الولايات المتحدة لم يكن بوسعها أن ترضى ببساطة بالمرتبة الثانية.

حتى ذلك الحين، كنت أعتقد أن القومية العدوانية سِـمة من سمات العالم القديم ــ مجتمعات تفتقر إلى الشعور بالأمان ومنشغلة بمكانتها الدولية وتترنح تحت وطأة مظالم تاريخية حقيقة أو متوهمة. ربما ذهبت النخب الأميركية، الغنية الآمنة، إلى إجلال قيمة النزعة الوطنية، لكن نظرتها العالمية كانت تميل نحو الكوزموبوليتية (الأممية). لكن النزعة القومية ذات المحصلة الـصِـفرية لم تكن بعيدة عن السطح، وهو الأمر الذي بات واضحا بمجرد تعرض مكانة أميركا على قمة عمود الطوطم الاقتصادي العالمي للتهديد.

https://prosyn.org/k5s0WlZar